الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
طالت يد الإهمال الإسكندرية وآثارها

الإسكندرية - هيثم محمد

طالت يد الإهمال الإسكندرية وآثارها، لتصبح مدينة الإسكندر الأكبر بما تحويه من آثار وتزخر به من تاريخ خارج المنافسة بين المدن السياحية العالمية على الرغم من تأكيد خبراء الاثار ان الإسكندرية لا تختلف عن روما أو اليونان، بل ربما تكون شاهدة أكثر منهم على التاريخ. فعامود السواري، والذى يُعد واحدا من أشهر المعالم الأثرية في الإسكندرية، وقد أنشئ تخليدًا لذكرى الإمبراطور دقلديانوس في القرن الثالث الميلادي، ويعتبر أعلى نصب تذكاري في العالم اذ يصل طوله إلى 27 مترًا وهو آخر الآثار الباقية من معبد السرابيوم ويوجد بجواره تمثالان مشابهان لأبي الهول مصنوعان من الجرانيت الوردي، الا انه على الرغم من القيمة الأثرية لعامود السواري فإنه يقع في منطقة كرموز إحدى المناطق العشوائية في الإسكندرية، والمشهورة بتجارة المخدرات وأعمال البلطجة ليس في المراحل القريبة وانما هي منطقة لها تاريخ إجرامي كبير منذ حادثة سفاح كرموز، والتي وقعت في أوائل القرن الماضي، فضلا عن كونها المنطقة التي يقع فيها جبل ناعسة، اشهر اوكار تجارة المخدرات في الإسكندرية.
وأكّد أحد مسؤولي الاثار في الإسكندرية ومدير عام المسرح الروماني السابق، محمد عبد الحميد، ان منطقة كرموز من المناطق الشعبية في الاسكندرية القديمة، والتي ظل تخطيطها كما كان أيام اليونان والرومان والذين اتخذوا منها أماكن لدفن موتاهمأ ولذلك تعتبر كل الاثار الموجودة فيها آثارًا جنائزية عبارة عن مجموعات من المقابر الاثرية الخاصة بعامة الشعب المنتمين الى العصر الروماني اليوناني.وأوضح أنه وعلي بعد أمتار من عامود السواري تقع أثار كوم الشقافة، وبالتالي فإن منطقة كرموز تعد واحدة من كبرى المناطق الأثرية بالإسكندرية"، على حد قوله.وعن انتشار المخدرات والبلطجة والفوضى بالمنطقة أعلن عبد الحميد ان هذه القضية ليست من اختصاص الاثار وانما هي شأن وزارة الداخلية، مشيرا الى أن الاثار أرسلت العديد من المخاطبات الى وزارة الداخلية في هذا الشأن لاتخاذ الازم، واخلاء المنطقة من تجار المخدرات والبلطجية حتى يتسنى لها ان تصبح مزارا سياحيا، الا انه حتى الان لم يتم الاهتمام الفعلي بهذه القضية من قِبل الداخلية والحكومات المتعاقبة.
وليست المخدرات والبلطجة فقط هي التي تهدد أثار كرموز بل ان اثارها أيضا مهددة بالسرقة وذلك لقيام عدد كبير من الاشخاص بشراء محلات ومنازل في هذه المنطقة   والتنقيب عن الاثار تحتها، وهناك قضايا كثيرة في هذا الصدد منها كما يقول وكيل نيابة كرموز مصطفى الرفاعي القضية رقم 8903 لسنة 2011 جنح كرموز، والتي تمكنت فيها قوات الامن من ضبط سبعة متهمين اثناء قيامهم بالحفر اسفل العقار رقم 6 شارع الصواب دائرة القسم، وعثر معهم على قاعدة عامود اثري ارتفاعها 40 سم وعرضها 25 سم مستخرجة من حفرة أسفل البيت عمقها أكثر من 10 امتار.
وتابع: انه تبين أن صاحب العقار و المتهم الأساسي في القضية قام بإحضار هؤلاء الشباب وعرض عليهم التنقيب عن الاثار اسفل المنزل مقابل توزيع ثمن ما يعثرون عليه بالتساوي بينهم، مشيرا الى انها ليست القضايا الاولى من نوعها وانما هناك بلاغات وقضايا كثيرة ترد الى النيابة من وقت لآخر بشأن التنقيب عن الأثار في المنطقة.وبالانتقال الى المتحف الروماني أحد أهم المعالم الأثرية بالمدينة، نجد انه تم اغلاقه منذ اكثر من خمس سنوات بحجة الترميم والتطوير، وان الدولة أغلقته قبل ثلاثة أعوام من الاتفاق حتى على الشركة التي ستتبنى مشروع الترميم مما اثر بشكل سلبى على حجم السياحة في الاسكندرية، وعلى العائد المادي الذى يدره المتحف باعتباره من اهم المعالم السياحية بالمدينة.
فتبعًا للأرقام الرسمية ولما صرح به بعض المسؤولين في مكتبة الاسكندرية فان عدد الافواج السياحية التي كانت تأتي الى الاسكندرية منذ اغلاق المتحف تصل الى 5000 فوج شهريا، اي انه اذا اعتبرنا أن متوسط عدد افراد الفوج الواحد 40 سائحًا مع العلم ان المتحف الروماني كانت تذكرة الدخول اليه 16 جنيهًا عندما كانت تذكرة المتحف القومي 30جنيه والتي ارتفعت الان الى 40 جنيهًا، مما كان سيصاحبه بالتأكيد ارتفاع في تذكرة المتحف الروماني فهذا يعني ان الدولة تخسر شهريا حوالي 6 ملايين جنيه اي ما يعادل 72 مليون جنيه سنويا منذ أكثر من خمس سنوات، وحتى الان لا يزال مصير المتحف الروماني مجهولا، ولا أحد يعرف متى سيتم اعادة افتتاحه من جديد، فضلا عن كون آثاره حائرة الان بين متحف مكتبة الإسكندرية، ومتحف مارينا، ومخزن في مرسى مطروح مما قد يعرض بعضها للتلف.
وسبق وان ناقش المجلس المحلى بالإسكندرية قبل الثورة قضية غلق المتحف الروماني وقدم عضو المجلس وقتها، ابراهيم درويش، طلب احاطة ذكر فيه ان المتحف يحتوى على 300 ألف قطعة اثرية منها 130 الف قطعة غير مسجلة بحجة انها ليست لها اهمية عالمية على الرغم من ان هذه القطع يمكنها سرد تاريخ كامل، مشيرا الى أن المسؤولين اكدوا ان السبب الرئيسي في غلق المتحف، هو عدم توافر الموازنة الخاصة بالترميم والتي تقدر بـ85 مليون جنيه" اي بما يقارب ما يحققه المتحف في العام الواحد".
ولم تكن كارثة اغلاق المتحف الروماني هي المشكلة الوحيدة لكن الصدمة الأكبر وراء سبب اتلافه حيث كشفت اللجنة المشكلة من المجلس المحلى ان السبب في اتلاف المتحف هو دورة المياه الموجودة أعلى مبنى المتحف، والتي كانت وراء الاضرار التي تعرض لها المتحف" وفقا للجنة".
وهناك اثار ليست بحجم المتحف الروماني او عامود السواري ولكنها تشترك معهما في الإهمال، ومنها أرض تابوت بالعجمي والتي تقع بمنطقة ام زغيو بالكيلو 19.5 وهي عبارة عن تل كبير بداخله مقبرة تم الكشف عنها مؤخرا وقد اطلق عليها الأهالي اسم المغارة، واوضحوا أنها كانت جبلا ولكن مافيا الاثار استمروا في تجريفها حتى هبطت عن سطح الأرض لمسافة تتراوح من 1.5 الى 2 م ثم أقاموا حولها الأسوار للاستيلاء عليها .وقامت شرطة الاثار بإزالة الأسوار والتعديات من فوق الأرض أكثر من مرة الا ان مافيا الاثار يصرون على اخذ الارض واعادة البناء عليها من دون مبالاة من الشرطة او غيرها وذلك لأنه كما يرجح الأهالي "ان وراء هذه الوقائع اشخاصًا ذوي نفوذ وانه لن يتم القاء القبض عليهم بسهولة"، وفقا لروايتهم.
وكانت إحدى أهم هذه الوقائع كما كشفت تحقيقات وكيل نيابة العامرية، أسامة زايد، قيام عدد من المجهولين بتجريف الجزء السفلي للتل والقريب من المقبرة وبناء مخازن للأخشاب عليها، مضيفا انه فور معرفة هيئة الآثار بالواقعة ابلغت المباحث والتي توجهت الى المنطقة، واوقفت اعمال البناء عليها، واحالت القضية الى النيابة برقم 14389 جنح عامرية أول.وأكدت مصادر في هيئة الآثار في الإسكندرية ان "أرض تابوت يبلغ مساحتها 8 أفدنة وأنه صدر قرار وزاري برقم 719 لسنة 2002 بجعل هذه المنطقة ملكا للمجلس الأعلى للآثار، وهي عبارة عن تل متحجر في داخله مقبرة عبارة عن حجرة كبيرة يُرجَّح انها تعود الى العصر الروماني اليوناني"، وفقا للمصدر.ذوأعلن أستاذ التاريخ اليوناني والروماني في كلية الآداب في جامعة الإسكندرية الدكتور أحمد غانم ما توجهه المناطق الأثرية في الإسكندرية يُعد جريمة في حق تاريخ هذا الوطن.وأوضح أن الإسكندرية مدينة تضم العديد من الاثار المهمة، والتي تحتاج إلى عناية كبيرة منا لأنه ذلك هو تاريخ وحضارة بلدنا منذ عصور قديمة كانت فيها الإسكندرية في قمة مجدها.
وطالب بضرورة إصدار قوانين وتشريعات تغلظ العقوبة على المعتدين على المناطق الأثرية لردع كل من يحاول التعدي على منطقة أثرية، أو يشوه صورة موقع أثري ويعيق وصول السائح إليه.وجدير بالذكر أن مدينة الاسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط والعاصمة الثانية لمصر، والتي تتمتع بمكانة سياحية كبيرة بين شتى المدن المصرية ليس فقط لكونها أقدم المدن على مستوى العالم، وإنما لأنها كانت ملتقى الحضارات والفنون والثقافات والشاهدة على تاريخ العصور المختلفة، بداية من العصر الفرعوني مرورًا بالبطلمي واليوناني والروماني والقبطي والإسلامي وصولاً إلى العصر الحديث.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الحرب العالمية الثانية غيرت نمط الغذاء والحياة اليومية في…
سفارة فلسطين في اليابان تنظّم نشاطاً يجسّد الهوية والارتباط…
محمد بن سلمان يرافق ترمب في جولة تاريخية داخل…
الرئيس السوري أحمد الشرع يبحث مع وزير الأوقاف «تعزيز…
ترامب يعلن فرض رسوم جمركية على الأفلام الأجنبية لحماية…

اخر الاخبار

رئيس مجلس الشيوخ الكولومبي يؤكد أن مشاريع الملك محمد…
نادية فتاح العلوي تعلن انطلاق عمل اللجنة التقنية لإصلاح…
الاتحاد الأوروبي يؤكد أن إسرائيل لا تنفذ ما تم…
ميدفيديف يؤكّد صمود الاقتصاد الروسي ويتوعّد بتكثيف الضربات على…

فن وموسيقى

جيهان الشماشرجي سعيدة بتجسيد دور مركب ومعقد في فيلم…
نانسي عجرم تكشف لمحة أولى من ألبومها المنتظر "Nancy11"…
باسم ياخور يعتذر للسوريين ويؤكد أنه لم يكن جزءاً…
المغربية جنات تعود بألبوم جديد يحمل عنوان ألوم على…

أخبار النجوم

منة شلبي تروي موقفًا طريفًا جمعها بأحمد زويل بسبب…
إلزام الفنانة منى زكي بسداد 3.63 مليون جنيه بسبب…
عودة شائعة وفاة كاظم الساهر وابنه يوضح الحقيقة
مها الصغير تروج لحقائبها مجدداً وتعلن عودة صفحة علامتها

رياضة

الجيش الملكي يعزز هجومه بمحسن بوريكة في صفقة صيفية…
الجماهير تختار كريستيانو رونالدو لاعب الموسم في الدوري السعودي
باريس سان جيرمان يضم المغربي محمد أمين الإدريسي في…
فيفا يختار لاعب الهلال ضمن أبرز 5 "واعدين" في…

صحة وتغذية

مناطق منسية تقلل فاعلية الواقي الشمسي رغم اهميته الكبيره…
تناول ثمرتين من الكيوي يومياً يعزز صحة الأمعاء ويكافح…
تحول جذري في علاج إصابات العمود الفقري بعد موافقة…
لعلاج الصداع النصفي المؤلم إليك حيلة زجاجة الماء البسيطة

الأخبار الأكثر قراءة

الحرب العالمية الثانية غيرت نمط الغذاء والحياة اليومية في…
سفارة فلسطين في اليابان تنظّم نشاطاً يجسّد الهوية والارتباط…
محمد بن سلمان يرافق ترمب في جولة تاريخية داخل…