الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
مبيعات الكتب

الرباط _ المغرب اليوم

في غمرة الحديث عن أزمة القراءة في المغرب، وتدني عدد القراء وتراجع مبيعات الكتب، تتعالى أصوات النخب الفكرية والفاعلين التربويين بضرورة تبني برامج قادرة على التحفيز والإنتاج الأدبي والفكري؛ في القراءة ليست مجرد هواية، بل إنها أفضل وسيلة لإنتاج الفكر وتنمية المجتمع، وبوابة لتقدم الأمم وازدهار الشعوب، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، من يتحمل مسؤولية تدني القراءة؟ هل الفرد أم المجتمع أم التكنولوجيا الحديثة والتطورات المصاحبة لها، خاصة وأن النسب والمعطيات الصادرة عن المؤسسات المعنية تبعث على القلق حول مستقبل القراءة. إن تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنمية الوعي الثقافي والفكري وجهان لعملة واحدة، وتراجع القراءة يعني اضمحلال الفعل الثقافي المجتمعي، وبالتالي تراجع التطور الاقتصادي

والاجتماعي، وفي هذا الصدد، اعتبر مسؤول البرمجة الثقافية في المكتبة الوسائطية لمؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، إبراهيم ورتي، أن تدني معدل القراءة في المغرب يعد مشكلا بنيويا يتداخل فيه ما هو اجتماعي في إشارة إلى معدل الأمية المرتفع، و اقتصادي متمثل في انعدام جاذبية الاستثمار في مجال الكتاب لدى المستثمر المغربي في ظل وجود "أزمة قراءة". ولاحظ ورتي أن الأسباب المرتبطة مباشرة بتراجع القراءة، تتجلى في ضعف الإنتاج الفكري والأدبي، بحيث أن عدد الكتب المنشورة سنويا في المغرب يبقى ضعيفا بالمقارنة مع معدل إنتاج وبيع الكتب في الدول ذات المقروئية العالية. وفي هذا السياق، سجل المسؤول عن البرمجة الثقافية أنه في الولايات المتحدة مثلا بيع 675 مليون كتاب سنة 2018، ونشر 68 ألف عنوانا

جديدا في فرنسا سنة 2018 مقارنة مع 4200 عنوان جديد في المغرب، مبرزا أن هذه المعطيات تبين حجم العمل الكبير الذي ينتظر كافة المتدخلين في هذا الشأن لتدارك ما يمكن تداركه، ينضاف إلى ذلك، حسب المتحدث، ضعف تسويق الكتاب، فالبرامج الترويجية والتسويقية للكتاب في التلفزات والإذاعات والمجلات المغربية أو حتى من طرف الناشرين أنفسهم تبقى محدودة للغاية، وتكاد تكون منعدمة في بعض الأحيان، مما يؤثر سلبا على جاذبية الكتاب لدى المتلقي. "لا مجتمع قارئ من دون طفل قارئ"، يقول ورتي، مؤكدا أن "حب القراءة يتم غرسه لدى الطفل منذ نعومة أظافره، لأن من أحب القراءة وتعود عليها أصبح محبا لها وداوم عليها"، ولاحظ أن هناك إغفال لدور الطفل كفاعل وداعم أساسي في عملية إنشاء مجتمع قارئ، وهو ما يفسره عدد

وجودة الكتب المنشورة الخاصة بالأطفال في المغرب، وكذا تركيز الاهتمام بالأطفال في شهر فبراير إبان المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وترك المجال شبه فارغ خلال باقي أشهر السنة.ومن أجل تجاوز مشكل تدني القراءة، يقترح المسؤول عن الشأن الثقافي في المكتبة الوسائطية لمؤسسة مسجد الحسن الثاني، توسيع قاعدة القراء بزيادة ومضاعفة الاهتمام بالمبادرات القرائية الخاصة بالأطفال، ولما لا تبنيها من طرف القطاع الخاص أو العام، وفي هذا السياق، يستحضر المتحدث مثال اسكتلندا التي وضعت برنامجا متميزا للغاية لتشجيع الأطفال على القراءة، تتبارى فيه كل المدارس التابعة لوزارة التربية الوطنية، وتشارك فيه كل سنة آلاف المدارس، ويحظى بمتابعة وتغطية إعلامية متميزة طيلة السنة، مشددا على أن هذا البرنامج أعطى

نتائج جيدة جدا ورفع من معدل القراءة في المجتمع الاسكتلندي. ويرى هذا الفاعل الثقافي أنه "لكي نقرأ كثيرا لابد أن ننتج كثيرا"، فالقراءة تخضع هي الأخرى لمنطق العرض والطلب، فبعد توسيع قاعدة القراءة يأتي تعزيز الاستثمار في المجال الثقافي، وخاصة الكتاب في أفق تحويل المجال إلى صناعة حقيقية بمداخيل مهمة للمستثمرين وتأثير أفقي يشمل كل شرائح المجتمع المغربي. واعتبر، في هذا الصدد، أن إيلاء الاهتمام المستحق لتوسيع قاعدة القراءة وزيادة الاستثمار في مجال الكتاب كفيلان بأن يحققا للمغرب النقلة النوعية المنشودة في هذا المجال، ولما لا الالتحاق بمصاف الدول ذات المقروئية العالية. ويؤكد ورتي في هذا الإطار، على مبادرات المجتمع المدني والمؤسسات العاملة في مجال التربية والتشجيع على القراءة والتي تشكل في نظره 

نقاط ضوء ساطعة في درب السير نحو تحقيق مجتمع قارئ، ولاسيما في ظل إكراهات مرتبطة بضعف الدعم المادي والمعنوي وبضعف التغطية الإعلامية اللازمة، مبرزا أن الكثير منها حقق نجاحات باهرة على المستويين الوطني أو الإقليمي. وفي سياق متصل، تحدث ورتي عن تجربة المكتبة الوسائطية لمؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، فقد تبنت المبادرات القرائية منطق، توسيع قاعدة القراء، حيث أعطيت الانطلاقة لمشروع 1000 كتاب أو قصة قبل سن الست سنوات، شارك فيه حوالي 200 طفل دون السادسة وتمكن 5 أطفال منهم من إتمام التحدي بعد حوالي سنتين من انطلاقته أي أن 5 أطفال تمكنوا من قراءة 5000 قصة أو كتاب وهو رقم ضخم بالمقارنة مع سن الأطفال. وينضاف إلى هذه المبادرة، تحدي القراءة الصيفي والشتوي الذي

تروم المكتبة الوسائطية للمؤسسة من خلالهما الجمع بين متعة التعلم والقراءة ومتعة الترفيه والإنجاز، وشارك فيهما 2500 طفل وطفلة تتراوح أعمارهم بين 7 و14 سنة خلال دورتي 2018 و2019. وتتطلع المكتبة، يضيف الفاعل الثقافي، إلى جعل هذين المشروعين حدثين وطنيين تشارك فيهما كل المدارس الخاصة والعامة في ربوع المملكة، وبالتالي تحقيق هدف توسيع قاعدة القراء. وأضاف أنه لخلق مجتمع قارئ واكتساب قيم المواطنة للانخراط الفعال في بناء مجتمع قوي، يتعين توسيع قاعدة القراء وتبني المشروع من لدن السلطات المختصة ليصبح مشروعا وطنيا وليتم إيلاؤه العناية والاهتمام الكفيلين بتحقيق كل أهدافه. كما لفت إلى ضرورة الاستثمار في البنية التحتية من مكتبات عمومية ودور للثقافة لأنها حجر الزاوية في كل مشروع يستهدف

التشجيع على القراءة، إذ لا يمكن تحقيق أهداف المشروع والبنى التحتية منعدمة أو متهالكة، فضلا عن تكوين الموارد البشرية التي ستسهر على خدمة المواطن وتنزيل أهداف المشروع على أرض الواقع. ولاحظ بهذا الخصوص، أنه باستثناء مدرسة علوم الإعلام بالرباط ومسلك الإجازة المهنية في مهن الكتاب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق، فإن الموارد البشرية المكونة علميا في هذا المجال تبقى غير كافية وغير قادرة على مواكبة تنزيل مقتضيات المشروع. وخلص ورتي إلى أن تشجيع جميع المبادرات القرائية الساعية إلى نشر ثقافة الكتاب وتحفيزها ماديا ومعنويا، يبقى ضرورة مركزية، لأن مجال اشتغالها مليء بالعديد من الإكراهات، ونتائج عملها لا تظهر سريعا، وفرص فشلها أكبر من فرص نجاحها.

قد يهمك ايضا

معرض رقمي في الإمارات احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف

ارتفاع مبيعات الكتب إلكترونيا في بريطانيا ورابطة بائعي الكتب تطلب دعم الحكومة

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مناطق القراءة في معرض الرياض الدولي للكتاب تمنح الزوار…
اختفاء لوحة أثرية مصرية نادرة والنيابة العامة تفتح تحقيقًا
انطلاق تصفيات مسابقة مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة في…
اعلان الفائزين في جايزة منصور بن زايد لتصوير الخيل…
القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس…

اخر الاخبار

ترمب يؤكد أن إسرائيل لن تضمن الضفة الغربية وتحذر…
الأمم المتحدة تعلن مغادرة 12 من موظفيها صنعاء بعد…
الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف معسكر تدريب تابع لحزب الله…
الأونروا تدعو إلى دعم عملياتها الإنسانية في غزة بعد…

فن وموسيقى

محمد رمضان يطرح الإعلان الترويجي الأول لفيلم "أسد" من…
أزمة جديدة تضرب الفنان محمد فؤاد بعد تسريب أغنية…
منة شلبي تكشف كواليس تكريمها في مهرجان الجونة و…
منة شلبي تحصد جائزة الإنجاز الإبداعي في مهرجان الجونة

أخبار النجوم

إياد نصار يكشف عن مسلسل رمضاني يتناول أحداث غزة
تسريب أغنية حليم يشعل أزمة بين محمد فؤاد وشركته
حنان مطاوع تكشف تفاصيل مشاركة فيلمها هابي بيرث داي…
شيرين رضا تتناول دور التكنولوجيا في صناعة السينما وتبدي…

رياضة

النجم المغربي عثمان معما يأسر أنظار ريال مدريد بعد…
ديمبيلي يقود سان جيرمان لاكتساح تاريخي على أرض ليفركوزن
إنتقادات حادة لمحمد صلاح بعد هزيمة ليفربول أمام مانشستر…
لقجع وسط الجماهير لدعم المغرب أمام الأرجنتين في نهائي…

صحة وتغذية

دراسة جديدة تربط بين الشيب والوقاية من الأورام
6 مشروبات صحية ثبت علميا أنها تخفض مستويات السكر…
الاكتشاف المبكر لمرض الزهايمر وأهمية التعرف على العلامات الأولية
العلاقات الاجتماعية الدافئة تحسن صحة كبار السن وتبطئ الشيخوخة

الأخبار الأكثر قراءة

مهرجان البندقية يكرّم صوت هند رجب بجائزة الأسد الفضي
وزارة الأوقاف المغربية تُعلن عن المرحلة الثانية لاستخلاص مصاريف…
وزير الثقافة المغربي يدعو المنتجين العالميين لاكتشاف المملكة كوجهة…
انطلاق الدورة الـ32 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بمشاركة…
وزارة الأوقاف المغربية تعلن الإثنين أول شهر ربيع الأول…