الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
مقاربة جديدة للشعر الملحون

الرباط - المغرب اليوم

لغة الملحون مستوى من مستويات اللغة العربية، وفق الجامعي أبي بكر العزاوي، الذي تجنب في دراسة القول باستعمال شعرِ الملحون العامية، في إطار تصور يقترحه لتراتبية درجات اللغة العربية، يراها مرحلة سابقة على ضرورة علمية: “دراسة وصفية شاملة للغة الملحون” أولا، ثم لدوارج عربية أخرى، في أفق “معالجة الإشكال العام لعلاقة الفصحى بالعامية”.جاء هذا في دراسة لأبي بكر العزاوي، أستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان، ضمن الكتاب الجماعي “الفن المكمول: نحو مقاربة جديدة للشعر الملحون”، قدم فيها إطارا نظريا، ونماذج مدروسة من شعر الملحون.

وسجلت الدراسة أن مسألة اللغة التي كتب بها شعر الملحون، والأجناس الأدبية الشعبية، “لم تدرس إلى الآن بشكل كاف”، ولم تدرس الدراسة العلمية اللسانية المطلوبة، التي تحاول الاستفادة مما تحقق من منجزات ومكتسبات في مجال اللسانيات العامة، واللسانيات التطبيقية واللسانيات الاجتماعية وعلم اللهجات والسياسة اللغوية والتحليل التقابلي، واللسانيات المعرفية”.

ويرى العمل أن المطلوبَ تحليل أكبر قدر من النصوص والمتون، من حيث لغتها، أي من حيث ألفاظها ومعجمها وتراكيبها، ومن حيث جوانبها الصوتية والصواتية والتطريزية والصرفية والمعجمية والتركيبية والدلالية والتداولية، لتحديد دقيق لهل كتبت بالعامية أم بالعربية الفصيحة؟ أم إنها كتبت بلغة أو لغات وسيطة؟ مع تسطيره على أن “الإشكال المرتبط بلغة الملحون ينبغي أن يعالج في إطار أعم، هو علاقة الفصحى بالعامية.”

وفي سبيل قراءة جديدة للغة شعر الملحون، ذكرت الدراسة أن اللغة هي “العنصر الأول في الشعر، والمفتاح الأساسي لولوج عوالمه الرحبة والغامضة”، وبالتالي “من شأن القراءة الجديدة للغة الملحون أن تساعد وتمهد لقراءة جديدة لشعرية الملحون، وأن تساعد أيضا على دراسة جوانبه البلاغية والمجازية والمعرفية بشكل عام”.وتابعت: “الإشكال لا يهم شعر الملحون فقط، ولكنه يهم عددا كبيرا من الفنون والأجناس الأدبية، وخاصة ما يندرج منها في الأدب الشعبي، أو في التراث والثقافة الشعبية بشكل عام، مثل الأغاني والموال والأمثال العامية والحكايات الشعبية والأهازيج والأحاجي الشعبية، ومنها المنظومة الشعرية [ملعبة الكفيف الزرهوني]، وكتاب [فُضالة الخوان، في طيبات الطعام والألوان] لابن رزين التجيبي”.

ورغم ما أثاره الدارسون من قضايا وإشكاليات لغوية من قبيل اللحن والتفصيح والانزياح، وذكرهم بعض الاختلافات اللغوية مثل فقدان الإعراب، والإدغام، والمماثلة، والإبدال، ومعاني الصيغ، والجموع، إلا أن هذا المجال، حسب المصدر ذاته، “بحاجة اليوم إلى دراسات نسقية وشمولية وعميقة للغة التي كتب بها شعر الملحون، وأيضا اللغة التي كتبت بها الآداب والثقافات والمصنفات والفنون العامية”.وترى الدراسة أن الدراسات اللسانية العميقة ستحل الكثير من الإشكالات، من بينها الخلاف الحاصل بشأن معنى مصطلح “الملحون” نفسه، بين معنيَي الخطأ في اللغة، والإيقاع والموسيقى.

ويدافع الدارس عن كون العربية الفصيحة والعامية لغة واحدة لها تحقُّقات عديدة، ودرجات ومستويات متنوعة، وهو تنوع في المستويات والدرجات، مرده إلى الاختلاف الموجود في بعض الظواهر الصوتية والصرفية والمعجمية والتركيبية والدلالية، وهو اختلاف “قد يكون خفيفا أو أكثر من الخفيف”.وواصل بأن لغة الملحون وفق جل الباحثين فيها، “تتأرجح بين العربية الفصيحة والعامية”؛ لذا “نجد بعضهم يقول إنها كتبت بالعامية الفصيحة، أو كتبت بالفصيحة العامية، أو أنها كتبت بلغة تمزج بينهما: فلغة الملحون تسعى إلى أن تجمع بين مقتضيات التعبير الشعري، ومتطلبات التواصل اليومي”.

لا ينفي هذا وجود اختلافات صوتية وصرفية ومعجمية وتركيبية ودلالية لما كتب بالعامية الفصيحة، أو الفصيحة العامية، إلا أنها تبقى “مستوى من مستويات اللغة العربية، ودرجة من درجاتها، وتنتمي إلى مقولة اللغة العربية”.ولا يرى الباحث سلامة تصور دارسين للملحون تحدثوا عن “فقدان الإعراب في الشعر الملحون، بشكل عام ومطلق”، فالإعراب الذي مُسّ هو الحركات الإعرابية لا غير، ولكن “الإعراب من حيث هو ظاهرة تركيبية، ومن حيث هو ركن أساسي من أركان النظام التركيبي، موجود. وانطلاقا من هذا، فإن النظام اللغوي الموجود في شعر الملحون، هو-بشكل عام-النظام اللغوي الموجود في العربية الفصيحة”.

كما تسطّر الدراسة على أن الاختلافات في درجة لغة الملحون طبيعية؛ لأن “هناك فروقا واختلافات بين الشعراء، وفي مختلف العصور، في درجة الاختلاف ونمطه، فاللغة العربية تتطور، وإن كان هذا التطور بطيئا، والعاميات والدوارج واللهجات تتطور هي الأخرى. وهناك اختلاف بين شعراء الملحون، من حيث تكوينهم الثقافي والعلمي، ومن حيث خلفيتهم المعرفية ومرجعيتهم الفكرية”.

وتقترح الدراسة “تراتبية لدرجات اللغة العربية”، تفهم في إطارها لغة الملحون، أول مستوياتها تمثله العربية الفصحى التي كتب بها القرآن الكريم والحديث النبوي وكتب بها الشعر الجاهلي والأدب العربي القديم، وثانيها تمثله العربية الفصيحة، وهي “اللغة المشتركة بين كل العرب الآن، وهي التي يفهمونها ويتواصلون بها، ويفهمها الجميع. وهي اللغة الرسمية للبلدان العربية: لغة العلم والتعليم والإعلام ولغة الثقافة والفكر والبحث العلمي ولغة الدين والأدب، وليست لغة محلية خاصة بمنطقة معينة أو بمجتمع بعينه”.

أما المستوى الثالث فتمثله “عربية الملحون” على سبيل المثال؛ فهي “عربية قريبة جدا من العربية الفصيحة، وهي لغة الشعر الراقي، والإبداع الفني، ولغة تتضمن قدرا كبيرا من المجازات والتعابير البلاغية”، ثم مستوى “عامية المثقفين والباحثين، وهي مزيج بين العربية الفصيحة والعامية، وهي التي يستعملها الباحثون والمثقفون في مناقشاتهم العلمية والفكرية”، فـعامية بعض من لهم نصيب من التعليم والثقافة، وعدد من الإذاعيين والفنانين وغيرهم، ليظلَّ المستوى الأخير عامية العوام، ممن لم ينالوا أي قسط من التعليم والتكوين.

قد يهمك ايضاً

الرباط تحتضن مهرجان الشعر الإفريقي وبنسعيد يتحدث عن الدبلوماسية الثقافية

 

وزارة الثقافة المغربية تُطلق مسابقة الشعراء الشباب

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

المغرب يبدي اهتمامه بإنشاء قاعدة بيانات رقمية للمعالم التاريخية
التحقيقات تكشف تفاصيل جديدة في واقعة اختفاء أسورة الملك…
ندوة أدبية حول كتاب "فحوى التأويل" للكاتب علي القيسي…
الحرب في غزة تحجز موقعها في جوائز إيمي 2025…
النكهات المغربية تعبق أجواء باريس في مهرجان الطهي العالمي

اخر الاخبار

الجيش الإسرائيلي يضع خطة تحسبا لتجدد الحرب مع حماس
صحة غزة تعلن استلام رفات 45 فلسطينيا من إسرائيل
حماس تعلن تسليم جثتين من الرهائن الليلة
اتفاق مؤقت بين باكستان وأفغانستان لوقف إطلاق النار لمدة…

فن وموسيقى

الفنانة يسرا تفتح قلبها وتكشف أسرار حياتها وموقفها من…
جنات تطرح أغنية الوعود من فيلم أوسكار عودة الماموث…
كريم فهمي يحسم الجدل ويؤكد مشاركته في "وننسى اللي…
بلقيس فتحي تعلن مشاركتها في موسم الرياض 2025

أخبار النجوم

آمال ماهر تكشف أسرار حياتها الخاصة وتعلن عن مفاجأة…
حنان مطاوع ضمن قائمة أفضل عشرة أ قدّمن أدواراً…
محاكمة فضل شاكر تدخل مرحلة الحسم بعد تسليم ملفه…
أول تعليق من كاتي بيري بعد ظهورها الجريء مع…

رياضة

ديمبيلي في مرحلة التعافي وغيابه مؤكد عن لقاء ستراسبورغ…
صافرة المغرب تغيب عن قائمة حكام كأس العرب قطر…
رونالدو يُصبح الهدّاف التاريخي لتصفيات كأس العالم بعد هدفيه…
وليد الركراكي يُعرب عن فخره بأداء أسود الأطلس وتحقيق…

صحة وتغذية

دراسة تكشف أن التواصل مع الكلاب قد يبطئ الشيخوخة…
برنامج الأغذية العالمي يحذر من ضياع إنجازات عقود في…
فوائد حمية الكيتو لتعزيز صحة الدماغ والوقاية من الخرف
لماذا يعيد العلماء النظر في تأثير كوفيد 19 على…

الأخبار الأكثر قراءة

وزارة الأوقاف المغربية تُعلن عن المرحلة الثانية لاستخلاص مصاريف…
وزير الثقافة المغربي يدعو المنتجين العالميين لاكتشاف المملكة كوجهة…
انطلاق الدورة الـ32 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بمشاركة…
وزارة الأوقاف المغربية تعلن الإثنين أول شهر ربيع الأول…
فلسطين تطالب اليونسكو بحماية 63 موقعًا أثريًا في الضفة