الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
مكتبة الإسكندرية

القاهرة - المغرب اليوم

لا تتاح للمرء كثيراً فرصة زيارة مكتبة "بلدية الإسكندرية"، ليس لأنها بعيدة أو تقع على أطراف المدينة الساحلية العتيقة، لكن لأن الزائر ربما لا يتصور مدى أهمية وندرة ما تضمه من مقتنيات ترجع إلى عشرات السنين، لا تُشاهد بشكل مُنتقى مترابط إلا عبر بعض الفعاليات والمعارض القليلة التي تُنظم في مناسبات واحتفالات محددة.وهذه المرة تقام الفعالية احتفالا ًبحزمة من المناسبات، حيث يأتي معرض «كُنوز البَلدية - صفحات من تاريخ الإسكندرية»، المقام الآن في متحف الفنون الجميلة، في إطار الاحتفال بـ«ثورة 23 يوليو»، واحتفال المحافظة بعيدها القومي، إضافة إلى الذكرى السادسة والستين لافتتاح المتحف. وقد أصبغت هذه المناسبات المعرض بأهميتها، فجاء ذا طابع تاريخي مميز، يضم أكثر من 150 قطعة نادرة، بين وثائق وصور وكتب وصحف ولوحات فنية، نحو 90 في المائة منها لم يسبق عرضه من قبل، وفق الدكتور إسلام عاصم، مدير «جمعية التراث والفنون التقليدية» بالإسكندرية مدير الفريق البحثي الخاص بالشق التاريخي للمعرض.ويفتح المعرض لزائريه خزائن «مكتبة البلدية» التي تشكل واحدة من أوائل المكتبات في تاريخ مصر الحديث، وهي كذلك أول مكتبة لأول بلدية (هيئة تتولى إدارة المدينة بشكل رسمي منظم) لمدينة مصرية. وتعكس المكتبة الحكومية التي تقع في حي محرم بك التنوع الحضاري والثقافي الذي كانت تتمتع به، فنحن أمام كنوز حقيقية تعود إلى القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، لا سيما أن من بين ما تضمه الصحف المصرية والإيطالية والفرنسية واليونانية التي صدرت خلال هذه الحقبة الزمنية حتى وقت قريب، حسب دكتور عاصم.وداخل المعرض، يتنقل الزائر بين جنبات التاريخ، فيمكنه العودة إلى القرن السابع عشر ليشاهد رسوم نادرة للرحالة الأجانب الذين زاروا الإسكندرية، ويطلع على خريطة للمدينة خلال القرن نفسه، إضافة إلى صورة تخيلية للفنار من القرن الثامن عشر، وبجوارها مجموعة لوحات للرحالة الإنجليزي لويجي ماير (1755-1803)، أحد أولئك الموهوبين الذين ذاع صيتهم قبل عصر الصورة الفوتوغرافية، وجاء إلى الإسكندرية في سنة 1792 ليقدم أعمال تجسد المدينة قبل الحملة الفرنسية. كما يضم المعرض رسوماً لرحالة في القرن التاسع عشر، تقدم لنا تطور عمارة وشوارع الإسكندرية في هذه الحقبة الزمنية، ومنها إلى منتصف القرن الثامن عشر لنطلع لأول مرة على سبيل المثال على «اللائحة السعيدية» التي بمقتضاها قلل الوالي سعيد باشا بن محمد علي الضرائب على الفلاحين حين تولى الحكم بعد عباس الأول، وهي وثيقة نادرة للغاية.

ولا تقل عنها تميزاً صور فوتوغرافية تُعرض للمرة الأولى لضرب الإسكندرية عام 1882 من قبل الإنجليز. وعنها يقول د. عاصم: «تقدم الصور توثيقاً للمدينة حين دخلها الإنجليز، وما تبع ذلك من أحداث مصيرية معروفة في تاريخ مصر». ويزيد من أهمية ذلك أنه توجد مجموعة أخبار صحافية مصورة تستكمل السرد، حيث تتناول تسلم القواعد العسكرية في الأربعينيات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حين تم جلاء الإنجليز -ما عدا قناة السويس- إضافة إلى صور تروي حادث نقل إحدى المسلات الفرعونية إلى إنجلترا.وعبر الصور النادرة أيضاً، يشاهد الزائر أشهر شوارع ومباني ومعالم الإسكندرية عند تشييدها وبنائها، ومن ثم تطويرها، ومنها صور نادرة لوزارة الأشغال تؤرخ لتطوير الكورنيش في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، وصور لأحياء عريقة، منها «جليم وستانلي».أما مفاجأة المعرض، فهي صفحات من سجلات ومحاضر جلسات «القومسيون البلدي» التي ترجع إلى عام 1890، وكان بمقتضاها يتم صدور كل القرارات الرسمية التي تخص الإسكندرية وميزانيتها، ولذلك تتيح لنا هذه الصفحات المعايشة عن قرب لنبض الشارع السكندري حينئذ، ومن ذلك رصف الشوارع وتسميتها، ومكافحة الكوليرا في نهاية القرن التاسع عشر.لذلك فإن زيارة المعرض تمثل، وفق دكتور إسلام عاصم، نوعاً من الغوص في كنوز التراث، إذ يقول: «لقد أردنا من خلال هذا المعرض أن نلفت أنظار العالم إلى أن ما تمتلكه الإسكندرية من مقتنيات ووثائق ليس تراثاً محلياً، أو يخص المدينة وحدها، إنما هو جزء من تراث الإنسانية. كما أننا أردنا كذلك تقديم رسالة داخلية، مفادها أن في الإسكندرية مكتبة عريقة تنتظر مزيداً من الاهتمام بها، وترميم وثائقها ومحتوياتها شديدة الندرة، وحفظها بأحدث الأساليب الفنية، وهي (مكتبة البلدية)».وإلى جانب هذا الزخم الوثائقي والفوتوغرافي التراثي، فإن المعرض يضم أيضاً مجموعة من الروائع الفنية من لوحات الفنانين المصريين، وهي جزء من مقتنيات متحف الفنون الجميلة يتم عرض بعضه لأول مرة، حيث تم إحضاره من مخازن المعرض، ومنها أعمال للرواد: محمد ناجي، وچورچ صباغ، ومارجريت نخلة، وحامد عويس، ومصطفى عبد المعطي، ومحمد حسن القباني، وحامد ندا، وغيرهم.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :  

  إيقاف فعاليات مكتبة الإسكندرية لنهاية آذار  

  جولة افتراضية داخل المتحف الوطني لـ"الفسيفساء" الأكثر شهرة في تونس

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

اكتشاف أثري نادر لمدينة مدفونة في دلتا النيل تعود…
الحرب العالمية الثانية غيرت نمط الغذاء والحياة اليومية في…
سفارة فلسطين في اليابان تنظّم نشاطاً يجسّد الهوية والارتباط…
محمد بن سلمان يرافق ترمب في جولة تاريخية داخل…
الرئيس السوري أحمد الشرع يبحث مع وزير الأوقاف «تعزيز…

اخر الاخبار

أكسيوس ترمب شجع نتنياهو على اتخاذ موقف أكثر صرامة…
لبنان ينفي تلقّيه مقترحات غربية بمناطق عازلة في الجنوب
فشل محادثات إيران وأوروبا في إسطنبول والضغوط تتصاعد لإحياء…
سقوط قتلى وجرحى في هجوم استهدف مبنى محكمة في…

فن وموسيقى

محمد فراج يعود بمسلسل كتالوج في تجربة إنسانية عميقة…
أنغام تنفي إصابتها بسرطان الثدي وتطمئن جمهورها قبل طرح…
لطيفة تؤكد أن ألبوم "قلبي ارتاح" يعكس روحها وأعادت…
جيهان الشماشرجي سعيدة بتجسيد دور مركب ومعقد في فيلم…

أخبار النجوم

نجوم الفن يدعمون أنغام برسائل مؤثرة بعد أزمتها الصحية
احتفال جينيفر لوبيز بعيد ميلادها الـ56 وتألق لافت بإطلالة…
فيروز تنعي ابنها زياد الرحباني بكلمات مؤثرة
أنغام تخضع لجراحة استئصال ورم من البنكرياس وفحوصات لتحديد…

رياضة

ريال مدريد يستعد لجني أرباح ضخمة بعد إعلان مبابي…
ليفربول يضم موهبة مصرية جديدة كريم أحمد يوقع عقده…
قطر مرشحة لاستضافة النسخة الثانية من مونديال الأندية
والد لامين يامال يعلق على أزمة احتفال "عيد الميلاد"

صحة وتغذية

معدل مشي يومي جديد يساعد في الوقاية من الأمراض…
وزير الصحة المغربي يكشف تفاصيل مرسوم جديد لخفض أسعار…
ابتكار طبي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتشخيص أمراض القلب بشكل…
التمارين الرياضية تفتح باب الأمل للتخلص من الأرق وتحسين…

الأخبار الأكثر قراءة

الحرب العالمية الثانية غيرت نمط الغذاء والحياة اليومية في…
سفارة فلسطين في اليابان تنظّم نشاطاً يجسّد الهوية والارتباط…