الرئيسية » عالم الثقافة والفنون
الدكتور غازي القصيبي

الرياض- المغرب اليوم

عقد من الزمان مضى منذ رحيل الدكتور غازي القصيبي، الأديب السعودي الذي أثرى المكتبة العربية بمؤلفات ثرية، أسهمت في إنارة العقول، وتغذية الذائقة الأدبية، وتتلمذ عليها أجيال قارئة شقّت طريقها برفقة هذه الكتب التي هي اليوم إرث الراحل. حيث لم يكن القصيبي كاتباً عادياً، بل هو الشاعر، والسفير، والروائي، والأكاديمي، والوزير، والأديب الذي قدم أكثر من 70 كتاباً قيّماً قبل أن يتوفى في 15 من شهر أغسطس (آب) لعام 2010.

ويتحدث الناقد الدكتور معجب الزهراني، الذي أسس كرسي «غازي القصيبي» بجامعة اليمامة وأشرف عليه سابقاً، وهو حالياً مدير معهد العالم العربي في باريس، عن الراحل، واصفاً إياه بالرجل الاستثناء. ويردف «عندما نبتعد عنه تطغى صورة الدبلوماسي والإداري والناجح والنجم الشعبي، لكن حين نقترب منه أكثر وأكثر؛ نراه أحد كبار المثقفين في منطقة المشرق العربي»، مفيداً بأن القصيبي على يأتي وزن الأديب المصري طه حسين وأمثاله من كبار المثقفين.

ويعتقد الزهراني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه على رغم المعرفة الجديدة والروح الإبداعية التي قدمها غازي القصيبي، فإنه جاء في وقت صعب، وبالتالي لم تشع شخصيته كثيراً بسبب الظروف المحيطة آنذاك، ويرى أن القصيبي أسهم في التحوّل من عالم التقليد وعالم الرؤية السحرية إلى العالم الحديث والفكر الحديث.

ويصف الزهراني ما حصل للقصيبي في النصف الثاني من عمره بأنه «انفجار في الذاكرة الإبداعية»، حيث بدأ بعدها يخوض في مجال الرواية والمسرح، ثم كتب كتابه «حتى لا تكون فتنة»، الذي يُعلق عليه بالقول «لو كان لنا حظ أوفر، لنُشر وانتشر وفُعّل في وقت مبكر من تلك الحقبة الشقية التي عانينا منها كثيراً ودفعنا ثمناً باهظاً، خاصة حين سيطرت الصحوة على كل المجالات». في تأكيده على دور القصيبي الذي حذر وناضل باكراً لنزع أشواك الصحوة. ويردف «أما حين نقرأ روايتيه (شقة الحرية) و(العصفورية)، نرى كيف وصل لمرحلة عالية جداً من الكتابة الإبداعية الساخرة».

من جانبه، يرى الكاتب حمد القاضي، نائب الرئيس وعضو الهيئة الاستشارية والثقافية لكرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية، أن القصيبي ما زال حاضراً كل يوم بالوهج ذاته؛ بالشِعر ذاته؛ بالفكر والعطاء ذاتيهما. ويضيف «بعض الغاليين على الإنسان وبخاصة من الرموز الثقافية والاجتماعية والإنسانية تشعر رغم رحيلهم من ظهر الأرض إلى بطنها أنهم حاضرون كأنهم أمامك بعطاءاتهم؛ بمهاتفاتهم؛ بمجالسهم».

ويتابع القاضي حديثه لـ«الشرق الأوسط» مؤكداً أن غازي القصيبي هو أحد هؤلاء «الحاضرين» بوطنه وبعالمه العربي، بل والدولي. ويستشهد القاضي بلقاء سبق أن نشرته «المجلة العربية» مع غازي القصيبي، قال فيه «إذا رحلت يا حمد لن يبقى منِّي سوى الشاعر»، معلقاً على ذلك بالقول «لكنه بقى الشاعر والمفكِّر والأديب والوزير المنجِز والسفير المتألِّق، وقبل ذلك وبعده (الإنسان) بكل مواقفه الإنسانية».

وكان القاضي قد أصدر كتاباً بعنوان «قراءة في جوانب الراحل الدكتور غازي القصيبي الإنسانية»، الذي أوضح فيه أن الراحل أعطى للميدان الثقافي ما لم يعطه آلاف المتفرغين، حيث أصدر 70 كتاباً على مدى سبعين عاماً، ويقول القاضي «أُرجع منجزه الثقافي أو الإداري أو الإنساني إلى قدرته في إدارة الوقت بشكل عجيب، ونأيه عن المجاملات التي تضيع وقته».

من ناحيته، يُفضّل الكاتب السعودي محمد العصيمي، تسمية غازي القصيبي بـ«كبير المثقفين العرب»، مرجعاً ذلك للإرث الثقافي الثري الذي خلفه الراحل. وأشار إلى دور القصيبي في فتح دار السفارة السعودية في لندن للمفكرين والأدباء العرب المهاجرين والمُهجرين - حين كان سفيراً للسعودية في لندن -؛ وذلك كي يأدوا أدوارهم المعرفية والثقافية، مؤكداً أن الأديب الراحل كان حريصاً على صنع معرفة عربية مُشتركة.

وعن الدور التنويري الذي تصدى له القصيبي عبر عدد من المؤلفات، يتابع العصيمي حديثه لـ«الشرق الأوسط» مستشهداً بكتاب الراحل «حتى لا تكون فتنة»، والذي وقف بالمرصاد لتيار الصحوة المتفشي آنذاك، بحسب وصفه، موضحاً أن القصيبي هو من أوائل من عرى رموز الصحوة، حيث يصفه العصيمي بصانع النور الفكري في السعودية.

والقصيبي الذي من أقواله المأثورة «وراءَ كُلّ إنجازٍ عظيم، إيمانٌ عظيم». على الرغم من الكثير من أن كتبه أحدثت ضجة فور صدورها، فإن رواياته حظيت بالنصيب الأكبر من الاهتمام والمنع من النشر في بعض الأوقات، وهي ما زالت تعيش اليوم على أرفف المكتبات وتتلهف عليها أيدي القراء الذي تبهرهم أعمال القصيبي الروائية، وكثير منها يتربع على قوائم «الأكثر مبيعاً»، ومن أشهرها: شقة الحرية، العصفورية، سبعة، هُما، دنسكور، سلمى، أبو شلاخ البرمائي، الجنيّة، حكاية حب، وغيرها.

وسطّر القصيبي سيرته الذاتية في كتابه الشهير «حياة في الإدارة»، وهو عمل مُلهم لكل الشبان العرب، تناول فيه سيرة حياته الوظيفية وتجربته في الإدارة وتسلم المناصب الحكومية، وسلّط الضوء خلاله على أبرز منعطفات حياته، مقدماً إضاءات هي بمثابة الدروس العملية والتوجيهية للشباب الذي يقرأون الكتاب.

وفي الشعر، نظم القصيبي الكثير من القصائد الجزلة، أشهرها القصائد الوطنية، حيث كان مدافعاً شرساً عن ثرى بلاده، وكثير من قصائده تفوح منها رائحة حب الوطن. وكان له تجربة وحيدة في الترجمة، حيث ترجم القصيبي كتاباً للكاتب الأميركي إيريك هوفر بعنوان «المؤمن الصادق» الذي يتناول موضوع علم النفس الاجتماعي، وهي تجربة أكدت شمولية الأديب الراحل وقدرته على تسخير قلمه ومعرفته لخدمة شتى فنون الأدب والمعرفة.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :  

    زوّار “قصر البارون” تجذبهم مقتنيات “مصر الجديدة” والتماثيل الهندية  

  التطورات الوبائية تمدد إغلاق المتاحف في الرباط

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

مناطق القراءة في معرض الرياض الدولي للكتاب تمنح الزوار…
اختفاء لوحة أثرية مصرية نادرة والنيابة العامة تفتح تحقيقًا
انطلاق تصفيات مسابقة مؤسسة محمد السادس للعلماء الافارقة في…
اعلان الفائزين في جايزة منصور بن زايد لتصوير الخيل…
القوات المسلحة الملكية تبرز التراث المغربي في معرض الفرس…

اخر الاخبار

ترامب يشيد بدور السعودية والإمارات وقطر في اتفاق غزة
اشتباكات بين الجيش السوري وقسد شرق دير الزور
فريق مصري يدخل غزة للمساعدة في انتشال جثث الرهائن
توغل إسرائيلي جديد في ريف القنيطرة ونصب حاجز قرب…

فن وموسيقى

وثيقة زواج مزعومة لمنة شلبي تثير الجدل ومصدر مقرب…
محمد رمضان يطرح الإعلان الترويجي الأول لفيلم "أسد" من…
أزمة جديدة تضرب الفنان محمد فؤاد بعد تسريب أغنية…
منة شلبي تكشف كواليس تكريمها في مهرجان الجونة و…

أخبار النجوم

أشهر 7 مطربين أفارقة يحققون نجاحاً في فرنسا
يسرا تحتفل بمرور خمسين عامًا على مسيرتها الفنية وتوجه…
أول ظهور علني لمنة شلبي وزوجها أحمد الجنايني في…
بعد اتهامها بالسخرية من لبلبة إلهام شاهين تكشف السبب

رياضة

مشجعون من 135 دولة يشترون تذاكر نهائيات كأس إفريقيا…
الوداد الرياضي يتعاقد مع المغربي حكيم زياش في صفقة…
ميسي يجدد عقده مع إنتر ميامي ويؤكد استمراره في…
النجم المغربي عثمان معما يأسر أنظار ريال مدريد بعد…

صحة وتغذية

أطعمة يومية ترفع ضغط الدم دون أن ندري وخبراء…
الصحة العالمية تواجه تخفيضات حادة في موازنة الطوارئ الإنسانية
دراسة جديدة تربط بين الشيب والوقاية من الأورام
6 مشروبات صحية ثبت علميا أنها تخفض مستويات السكر…

الأخبار الأكثر قراءة

النكهات المغربية تعبق أجواء باريس في مهرجان الطهي العالمي
ليلة أم كلثوم وأسمهان تجمع رشدي وسيندي لطي لأول…
إفتتاح مهرجان لبنان المسرحي الدولي يتزامن مع عودة "الكوليزيه…
مهرجان البندقية يكرّم صوت هند رجب بجائزة الأسد الفضي
وزارة الأوقاف المغربية تُعلن عن المرحلة الثانية لاستخلاص مصاريف…