الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
"التجسس" سلاح إسرائيل الخفي في قلب الحرب

دمشق - سليم الفارا

لم تعد الحروب الحديثة تخاض بالأسلحة الثقيلة وحدها، بل باتت الاستخبارات والتجسس أحد أعمدة التفوق الاستراتيجي الذي يحدد مسار المعارك قبل اندلاعها.والعملية الأخيرة التي نفذتها وحدات كوماندوز إسرائيلية قرب دمشق، والتي استمرت لساعتين كاملتين بإسناد جوي، كشفت مجددا مركزية هذا السلاح في العقيدة العسكرية الإسرائيلية.

وبينما أفادت التقارير بأن الهدف من العملية كان استرجاع أجهزة تنصت متطورة لا تملكها سوى واشنطن وتل أبيب، فإن التحليل الأعمق يقول الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية مهند العزاوي خلال حديثه إلى برنامج "ستوديو وان مع فضيلة" يطرح فرضيات أخرى أكثر خطورة تتعلق بالتحكم بمسار الصواريخ الإيرانية والحوثية وتأمين المجال الجوي من تهديدات استراتيجية.

ويرى العزاوي أن كل حرب تبدأ وتنتهي بالمعلومة. حيث أن المبادئ الأساسية للعمل العسكري تقوم على جمع المعلومات وتحليلها قبل أي خطوة تكتيكية أو استراتيجية.

ومع الثورة التقنية والاتصالات، أصبح التجسس أسهل من أي وقت مضى، لكنه لم يعد مقتصرا على جمع البيانات عبر الوسائل الإلكترونية فقط، بل بات يقوم على مزاوجة بين القدرات السيبرانية والعمل البشري من خلال العملاء المنتشرين على الأرض.

وبحسب العزاوي، فإن إسرائيل لم تكتف بتطوير قدراتها الإلكترونية بل نسجت شبكة واسعة من التجنيد الميداني، ما يمنحها القدرة على متابعة التطورات داخل إيران وسوريا ولبنان، بل حتى اليمن.

ويضيف أن هذه القدرة على دمج الوسائل جعلت منتج الاستخبارات الإسرائيلي يتفوق من حيث النوعية والدقة على معظم جيوش المنطقة، وحتى جيوش عالمية أخرى.

عملية دمشق.. ما وراء أجهزة التنصت

ولا تبدو التقارير التي تحدثت عن أجهزة تنصت في الموقع المستهدف قرب دمشق مقنعة بالنسبة للعزاوي، الذي يرى أن إسرائيل كانت لتدمر مثل هذه الأجهزة فور اكتشافها. لكنه يطرح فرضية أكثر اتساقا مع طبيعة العملية تتمثل في أن أجهزة توجيه أو رادارات مرتبطة بالصواريخ الإيرانية والحوثية.

ويفسر  المتحدث ذلك بأن المنطقة كانت مركزا لنشاط الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وممرا لتموين الحزب بالسلاح. وبالتالي فإن أي أجهزة متقدمة في هذا الموقع قد ترتبط مباشرة بدقة الصواريخ الإيرانية أو الحوثية، الأمر الذي يهدد التفوق الجوي الإسرائيلي.

وتعكس مدة العملية – ساعتان كاملتان – والإسناد الجوي المرافق بأربع طائرات، يعكسان خطورة الهدف. إذ لو كانت المسألة مجرد "سحب جهاز"، لما تطلبت كل هذا الوقت والجهد. هنا يرجح العزاوي أن الأمر يتعلق بعملية تصفير وتحييد لأنظمة حساسة، لحماية المجال الجوي الإسرائيلي من أي تهديد مستقبلي

ولا يكمن السر في التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي فقط في التكنولوجيا الحديثة، بل في المزج الذكي بين القديم والجديد.

فإسرائيل، كما يوضح العزاوي، لا تتخلى عن الوسائل التقليدية في جمع المعلومات وتصميم العمليات، لكنها تقوم بتحديثها ودمجها بالقدرات الحديثة، خصوصا في المجال السيبراني.

وتعد الوحدة 8200 من أبرز الوحدات في العالم في مجال التجسس السيبراني وتحليل البيانات، بينما يحتفظ جهاز الموساد بقدرات عالية على التغلغل البشري وجمع المعلومات من مصادر داخلية في أماكن حساسة. هذا التوازن بين التقدم التقني والاعتماد على الخبرة التقليدية يتيح لإسرائيل بناء صورة استخباراتية أكثر تكاملا.

ويحقق الإنفاق الكبير على هذه البنية – والذي قد يبدو تكتيكيا محدود الأثر – مكاسب استراتيجية هائلة. إذ يكفي أن تمنح هذه المعلومات القدرة على استباق خطوات العدو وتوجيه ضربات استباقية تغير مسار الحرب قبل أن تبدأ.

سلاح الصدمة.. تفكيك الخصم قبل الحرب

ويعتبر أحد أخطر أبعاد السلاح الاستخباراتي هو ما يسميه العزاوي "حالة الصدمة". ففي أكثر من ساحة، استطاعت إسرائيل أن تستبق الحرب نفسها باستهداف قيادات ميدانية ووسيطة، ما أدى إلى انهيار الروح المعنوية لدى الخصوم.

ويشير إلى مثال واضح في "حرب الـ12 يوم"، حين تمكنت إسرائيل من القضاء على قيادات ميدانية إيرانية ولبنانية في الساعات الأولى، الأمر الذي أربك التخطيط وأفقد الخصوم الثقة بقدراتهم.

ويعد هذا العنصر – عنصر المفاجأة والصدمة – ركيزة في تصميم العمليات الإسرائيلية. فهو لا يقتصر على إضعاف البنية العسكرية للخصم، بل يضرب عمق ثقته بنفسه ويزعزع معنوياته، وهو ما يجعل الجيش الإسرائيلي قادراً على حسم المعركة نفسياً قبل حسمها عسكرياً.

اليمن.. ساحة جديدة للاستخبارات الإسرائيلية

اليمن لم تكن تقليديا ضمن حسابات تل أبيب. لكن مع بروز الحوثيين كذراع إيرانية مؤثرة، وظهور تهديد صاروخي متنامٍ ضد إسرائيل، بدأت الأخيرة بتوجيه أدواتها الاستخباراتية نحو الساحة اليمنية منذ عام تقريبا.

وهنا، تلعب الأولوية الاستراتيجية دورا محوريا. فاليمن تحول إلى منطقة حيوية ذات تأثير مباشر على المعادلات الإقليمية، وبالتالي وجب على إسرائيل بناء شبكة عملاء وتدفق مستمر للمعلومات لتحديث "بنك الأهداف".

وبهذا المعنى، لم يعد اليمن بعيدا عن ميدان العمل الاستخباراتي الإسرائيلي، بل أصبح جزءا من خارطة أوسع تمتد من دمشق إلى طهران وبيروت وصنعاء.

ورغم أن حزب الله يشكل أحد أبرز أذرع إيران، إلا أن إسرائيل لا تبدو راغبة في خوض مواجهة شاملة معه. الاستراتيجية، كما يشرح العزاوي، تقوم على التثبيت؛ أي توجيه ضربات متقطعة لإشغال الحزب وإبقائه في حالة استنزاف دائم، دون التورط في حرب مباشرة قد تُكلّفها الكثير.

هذا النهج يمنح إسرائيل حرية الحركة الاستراتيجية، فهي تبقي الحزب منشغلا ومشتتًا دون استنزاف قدراتها الرئيسية في معركة طويلة الأمد.

التجسس كسلاح حاسم في معارك المستقبل

ومن دمشق إلى اليمن، مرورا بإيران ولبنان، يتضح أن التجسس لم يعد مجرد أداة مساندة بل صار سلاحا رئيسيا في الاستراتيجية الإسرائيلية. فهو الذي يمكنها من السيطرة على السماء السورية منذ 2019، ويمنحها القدرة على استهداف قيادات الخصوم بدقة، ويفرض عنصر الصدمة الذي يربك العدو ويهز ثقته بنفسه.

تفوق إسرائيل لا يقوم فقط على امتلاك التكنولوجيا الحديثة، بل على المزج الذكي بين الوسائل التقليدية والحديثة، وعلى الإنفاق المدروس الذي يحول التكلفة التكتيكية إلى مكاسب استراتيجية ضخمة.

ويعد التجسس بحسب العزاوي بالنسبة لإسرائيل ليس خيارا ثانويا، بل ركيزة أساسية لبناء استراتيجياتها الدفاعية والهجومية على السواء. فالمعلومة هي السلاح الأول، والقدرة على استخدامها بذكاء هي ما يضمن التفوق في معارك الحاضر والمستقبل.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

قطر تستدعي السفير الإيراني غداة الهجوم على قاعدة «العديد»

 

تركيا تعلن قطع جميع علاقاتها التجارية مع إسرائيل احتجاجاً على حرب غزة

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الكونغرس الأمريكي يجدد اعترافه بالصحراء المغربية ما يعزز تدفق…
السودان يشتعل وقوات الدعم السريع تضرب منشآت النفط وتقصف…
وزير الدفاع الإسرائيلي يؤكد مقتل أبو عبيدة والاحتلال يُعلن…
حماس تعلن مقتل محمد السنوار بعد ثلاثة أشهر من…
الجيش الإسرائيلي يعلن التحقق من هوية قادة الحوثيين المستهدفين…

اخر الاخبار

القوات المسلحة الملكية المغربية تُحبط تسلّلًا لعناصر على الحدود…
الملك محمد السادس يهنئ عاهل ماليزيا بمناسبة احتفال بلاده…
إصابات في استهداف مبنى العيادات الخارجية بمستشفى شهداء الأقصى
شهيد في غارة بمسيّرة إسرائيلية على جنوب لبنان

فن وموسيقى

مي عز الدين تكشف العديد من أسرار حياتها الشخصية…
الكشف عن حقيقة الوضع الصحي لأنغام وتطوراتها الأخيرة
إليسا ضحية عملية احتيال بملايين الدولارات ورجل أعمال يفر…
تدهور في الحالة الصحية للفنانة أنغام واستمرار معاناتها مع…

أخبار النجوم

نجوى كرم تروي تفاصيل مؤثرة عن والدتها وتكشف معاناتها…
الإعلان الرسمي الأول لفيلم جوازة ولا جنازة من بطولة…
منة فضالي تشكر جمهورها بعد عرض أولى حلقات مسلسل…
دينا الشربيني تخوض سباق دراما رمضان المقبل بمسلسل يحمل…

رياضة

إنفانتينو يؤكد أن المغرب قوة كروية وتتويجه الثالث بالشان…
محمد صلاح يشيد بآرسنال ويؤكد استمرار صراع اللقب مع…
وليد الركراكي يُوجه الدعوة ل 27 لاعباً مغربياً لمباراتي…
نفاد تذاكر مباراة المغرب والنيجر بالكامل خلال أربع ساعات

صحة وتغذية

رائحة الفم الكريهة مؤشر مبكر لمضاعفات السكري وأمراض اللثة
زراعة القلب الجزئية تمنح الأمل لأطفال يعانون من اضطراب…
الأطعمة فائقة المعالجة تسبب زيادة الوزن وتدهور الخصوبة
علاج للإمساك قد يفتح الباب أمام أمل جديد لمرضى…

الأخبار الأكثر قراءة

انطلاق مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول وسط…
طهران تنفي وجود أي خطط للحوار مع واشنطن وتربط…
الوضع الإنساني في غزة يزداد تفاقماً وسط تصاعد الغارات…
حزب الله يرفض تسليم سلاحه والدولة اللبنانية تؤكد المضي…
الرئيس اللبناني يؤكد حصرية السلاح ويهاجم خروقات إسرائيل لاتفاق…