ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطلق رواية عقرون 94
آخر تحديث GMT 02:08:07
المغرب اليوم -

"ثقافة النشر والتوزيع" في الإمارات تطلق رواية "عقرون 94"

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

رواية "عقرون 94"
أبو ظبي - المغرب اليوم

تقع رواية "عقرون94 " للكاتب الروائي عمار باطويل في 93 صفحة من القطع المتوسط ، وقد بناها الكاتب في ثلاثة عشر فصلًا يطول بعضها ويقصر بعضها الآخر، وهي رواية تبدو صغيرة الحجم، ولكن عند قراءتك لها ستكتشف أنها كبيرة الفكر، عظيمة المحتوى، فليست العبرة بكثرة الورق، ولا تباعد السطور، وإنما العبرة بكمية الأفكار والرؤى التي يطرحها الكاتب وجودتها، وتصويرها للواقع، ورصدها لقضايا المجتمع، فالرواية تاريخ في غلاف فني، فهي تؤرخ لغزو الشمال اليمني لجنوبه وحضرموت تحت شعار "الوحدة الشرعية في عام1994"؛ لذلك وضع العام مقرونًا بالعنوان لينبه ذاكرتنا إلى الحدث، ومن هنا فإن لدى الكاتب الروائي القدرة على تجسيد التاريخ وعلى بعثه من جديد في هذا القالب الفني في اتجاهين، بينما لا يستطيع ذلك المؤرخ.

 وكتبت الرواية بأسلوب سهل ممتع تتناسب لغته مع لغة أبطال الرواية المهمشين أو (الحرافيش) كما يطلق عليهم الكاتب، واستعمل في السرد ضمير المتكلم الذي يدل على الذاتية، فهو يتحدث به وشخوص الرواية أيضا يتحدثون به؛ لأنه يساعد على الانسيابية في التعبير السردي؛ ولهذا تشعر وأنت تقرأ الرواية وكأن أبطالها يتحدثون إليك، ولا يغض من اللغة والأسلوب أن الكاتب استخدم بعض الألفاظ العامية المحلية التي اضطر إلى شرحها في الهامش.

وقال الجاحظ في كتابه "البيان والتبيين" ما معناه أن لكل فئة مجتمعية لغتها، فلا تحدّث الأمة بلغة الملوك ولا الملوك بلغة العامة ، وكذلك للأعراب لغتهم ،ولأهل الحاضرة لغتهم، وهذا ما حاول الكاتب أن يمزجه ببراعة، كقوله على لسان الكبش: "أيش من موزتقصد، شي غرام بك" أو قوله: "ياهوين..ياهوين..ماتوا الرجال".

واقتصد الكاتب في السرد فلم يلجأ إلى التطويل والتفصيل، ولو كان فعل ذلك، لكان كل فصل من فصولها (13) رواية أخرى؛ ولذلك تحس أن الرواية مضغوطة ومركزة وكلها رموز مرتبطة بالواقع فأنت لا تستطيع أن تفهم ماذا يقصد الكاتب بامتلاك بطل الرواية عقرون حمارا أعرج واحتال لبيعه للعم سرور الأعمى، والذي أعاده له بعد أن اكتشف عرجه، مع سيل من السباب والشتائم إلا إذا فهمت واقع الشرعية التي أتت بشعارات زائفة؛ لذلك فإن وراء السطر سطورا ووراء المعنى معاني، ومع ذلك لا تشعر باي خلل فني.

 والرواية تفوح منها رائحة البيئة الحضرمية، حيث تقرأ حيضان النخيل، والوصر، والمدارة، والمدروف ،والشرح ،والخلفة...الخ. وربما وظف الكاتب أسماء أبطال الرواية توظيفا رمزيا فعقرون يرمز للأصالة والبعد التاريخي، وكاسترو يرمز للمد الاشتراكي، وابنه أيوب يرمز إلى الصبر، والكبش يرمز إلى الذين تبعوا الشرعية دون فهم .. وهكذا بقية الأسماء كعبده الذي هو اسم تهامي ويعني أن الشرعية أرسلت لنا قاذوراتها....الخ.

 وتبدأ الرواية بالقلق الخيف فالحرب تدق طبولها والمستقبل مجهول (السماء ملبدة بالقلق قلق يثير الرعب في القلوب)، وتنتهي بالفرح (وبرغم بساطة عملي إلا أني أشعر بأنني أطير..أطير..أطير) وما بين القلق والفرح تدور أحداث الرواية في ثلاثة محاور رئيسة:

 الأول: الفساد : فساد الوحدة ، الفساد الاجتماعي والأخلاقي ويتمثل في عبده وابنته مريوم (إن ابنتك ياعبده تسببت في إفساد أخلاق شباب الوادي )، ويأتي الخطف نوعا آخر من الفساد الأخلاقي والاجتماعي (أيوب يحمل نفس حيرة أهل الوادي ويسأل عن السر وراء اختفاء البنات ماذا يعمل هؤلاء الشماليون بالبنات؟ هل يسحرونهن أو يغرونهن بالمال كي يذهبن معهم ويتركن أهاليهن؟) إنها مأساة عاشها وادي عقرون ، والفساد الاقتصادي الاجتماعي يتمثل في القات وتوابعه وفي الرشوة وأضرارها ، وفساد سياسي ويتمثل في نكران جنسية عقرون ورفض الفندم صرف جوازسفرله ؛لأنه يشك أنه صومالي وذلك من لون بشرته، وفي الإقصاء ،والتهميش.

الثاني :الضياع : ففي الفصل العاشر يستمع البطل عقرون من جده عن حكاية السيل الذي نزل من عقرون وجرف أراضيهم وهدم بيوتهم ،واضطرهم الى (الجول) وهو ضهر الجبل وكيف أن أباه ضاع منهم ، ثم حضر مكسور الساق يتكئ على عكاز، وكان ذلك يوم ولادة البطل فأشارأبوه عليهم بأن يسموه عقرون ، ثم عودتهم من ( حم حار) وهي معقل الصبيان المهمشين حيث وجدوا ديارهم مهدمة وأشياءهم مدمرة فلم يتحملوا الموقف فتفرقوا في قرى وبلدات دوعن ،وهي إشارة رمزية الى ضياع الوطن ولم يبقى منه غير الاسم .

 ولعله أراد بالسيل الجارف هذه الجحافل القادمة من الشمال كالطوفان والتي ألجأت كثيرا من أهل حضرموت الى الهجرة الى السعودية ودول الخليج. والكاتب يربط بين ضياع وطنه حضرموت في عهد الشرعية ، وضياع فلسطين في عهد القومية (ولكي لا ينسى هذا الملك العظيم......فوجد عقرون في حضرموت وعقرون في فلسطين) وربما يشير الى التشابه في العمق التاريخي بين فلسطين وحضرموت.

 وبالإضافة إلى ضياع الوطن فقد ضاع هذا الإنسان البسيط، فهو مشوش الفكر بين تاريخ حضرموت القديم فجده يقول إن عقرون من نفحات أولياء الله الصالحين، بينما ترى جدته أنه اسم لملك من ملوك حضرموت العظيم، وأن الوادي المحاذي له (مراة) سمي باسم زوجته.

 وضياع آخر للمواطن، فقد أصبح لا يفرق بين الصح والخطأ، فأيوب يتزوج من مريوم المومس التي أضاعت والديها وتبحث عنهما، وتلد له ولدا ضائعا لايعرف أين هو؟، فالكل ضائع في الجنوب وفي الشمال، والقوم عاكفون على القات في ضياع كبير

الثالث: الدعوة إلى الارتباط بالأرض بدلا من البحث عن الوهم ، وهذه الدعوة لا تكاد تجد فصل من فصول الروية يخلو منها (قال لي جدي : إن الإنسان لا يكون بكامل أوصافه الإنسانية إلا عندما يلتحم بالأرض وينتمي إليها بالعمل والكفاح ويسقي تربتها بالعرق والدماء ،مثلك ياعقرون) وزاد من أوار هذه الدعوة أن بطل الرواية عقرون عندما عاد  من المكلا بعد أن رفض الفندم صرف جواز سفر له ليسافر الى السعودية ،عاد الى حقله وارتبط بأرضه، وأخذ يعمل في حقله بجدية وبدأت ظروفه المالية تتحسن بفضل زراعته للفجل وقد يكون لزراعة الفجل رمزية خاصة لأنه لا موسم لزراعته أو أنه من المحصولات الهامشية ؛ليدل الى أن الأرض تعطي من خيراتها حتى الفجل له مردود إيجابي ،وعليك بالعودة إليها..

 وينتقد الكاتب الهجرة على لسان العم منصور(اعمل في بلادك وارض بالقليل ،تأتك الصحة والعافية أما الكثرة في المال فتجلب مرض الأجسام ومرض الغرور، فالحمد لله فقد رضيت بالقليل وأنا أعيش معززا مكرما في بلادي.الغربة ضياع ياعقرون ، وبعد الضياع ذل)، (دارت بي الدنيا بعد ماقال بعد الضياع ذل)

 وأخيرا، فإن الروية جيدة وتحتمل أكثر من قراءة، وفيها رموز كثيرة (كالمدارة) و(الخيول التي تغتسل في ماء النهر من الدماء) و(أولياء الله الصالحين )وغيرها كثير ، وهذه هي ميزة الكاتب المبدع ،ولايعيبها إلا أن الكاتب اهتم بالسرد على حساب الحبكة.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطلق رواية عقرون 94 ثقافة النشر والتوزيع في الإمارات تطلق رواية عقرون 94



درّة تتألق بالأحمر بإطلالات خريفية تمزج بين الفخامة والأنوثة

تونس - المغرب اليوم

GMT 08:49 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فستان البليزر القصير يخطف أنظار نجمات خريف 2025
المغرب اليوم - فستان البليزر القصير يخطف أنظار نجمات خريف 2025

GMT 09:22 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

خطوات فعالة لتنظيف رخام المطبخ
المغرب اليوم - خطوات فعالة لتنظيف رخام المطبخ

GMT 12:06 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

باسم يوسف في لقاء تلفزيوني مصري بعد اعوام من الغياب
المغرب اليوم - باسم يوسف في لقاء تلفزيوني مصري بعد اعوام من الغياب

GMT 01:28 2025 الخميس ,09 تشرين الأول / أكتوبر

خامنئي يجيز رفع القيود عن مدى الصواريخ الايرانيه
المغرب اليوم - خامنئي يجيز رفع القيود عن مدى الصواريخ الايرانيه

GMT 06:33 2025 الأربعاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

وزيرة العدل الأميركية تخضع لجلسة استجواب صعبة في مجلس الشيوخ
المغرب اليوم - وزيرة العدل الأميركية تخضع لجلسة استجواب صعبة في مجلس الشيوخ

GMT 02:10 2019 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

أفضل النشاطات السياحية في جزيرة "بورنيو"

GMT 04:11 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

خدمات جديدة ومجانية تقترحها "التعاضدية" على أعضائها

GMT 09:12 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

تحرير زوجة بعد تهديد زوجها بذبحها بواسطة سكين

GMT 19:37 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

سيد رجب ينضم إلى "نسر الصعيد" بطولة محمد رمضان

GMT 11:13 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل دينار كويتي الأحد

GMT 12:39 2013 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وزير السياحة المغربي يلتقي نظيره العراقي في الرباط

GMT 03:54 2013 الأحد ,17 آذار/ مارس

مبادرة لإنقاذ مسرح سرفانتيس في طنجة

GMT 12:14 2014 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مقاهي "ستاربكس" في المغرب تقدِّم عروضها لموسم الشتاء

GMT 13:52 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

الفنان محمد رمضان يستكمل تصوير الجزء الثاني من "الكنز"

GMT 11:31 2015 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

نشر صورة الممثلة تشارليز ثيرون في المدرسة

GMT 22:43 2017 الأربعاء ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

دورة عن التغيرات المناخية وندرة المياه في الواحات المغربية

GMT 06:20 2014 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الشخص غير المناسب وغياب الاحترافيَّة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib