الرباط - علي عبداللطيف
صبّ البرلمانيون المغاربة جام غضبهم على الحكومة، بسبب الفيضانات الأخيرة التي قتلت 36 شخصًا من المغاربة ودمرت البنيات التحتية الطرقية وأهلكت الأراضي الزراعية.
وتضاربت مواقف البرلمانيين، اليوم الثلاثاء، في مجلس النواب بين من تحميل المسؤولية للحكومة الحالية التي يقودها حزب "العدالة والتنمية" ذي المرجعية الإسلامية وبين تحميل المسؤولية للحكومات السابقة، على اعتبار أنها هي التي أنشأت هذه البنيات التحتية الهشّة في عهدها والتي لم تصمد أمام أول اختبار حقيقي من قبل الطبيعة والمتمثل في الأمطار الطوفانية غير المسبوقة في المغرب.
وحمّل حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، المسؤولية للحكومات السابقة، معتبرًا أنها هي المسؤولة عن تردي البنيات التحتية الطرقية، فيما حمّلت المعارضة، المسؤولية للحكومة الحالية لأنها لم تتدخل في الوقت المناسب بالوسائل المناسبة، في حين اختارت أحزاب الأغلبية الأخرى منها "حزب التجمع الوطني للأحرار"، و"الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية"، إمساك العصا من الوسط، فلم تنحز لا لهذا الطرف ولا لذاك، واكتفت باعتبار أن الأمر فوق طاقة الحكومة لأنه لم يسبق أن تهاطلت في المغرب أكثر من 400 مللتر من التساقطات المطرية، وطالبت كذلك بوضح الحكومة لخطة ترميم الطرق وإسعاف الناس المتضررين.
وطالب البرلماني عن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، عبد الله بوانو، بتشكيل لجنة تقصي الحقائق في الأسباب التي زادت من تعميق جراح أسر 36 مفقودًا، وأصابعه تشير بالإتهام لوزير التجهيز والنقل السابق المنتمي إلى حزب "الاستقلال" المعارض كريم غلّاب عندما كان وزيرًا للتجهيز والنقل في الحكومة السابقة التي كان يقودها حزب الاستقلال، قبل أن يأتي الربيع العربي ويعجّل بإجراء انتخابات قبل أوانها في المغرب.
وانتفض البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض إدريس لشكر، ضد ما سماه تماطل الحكومة في إنقاذ الأرواح التي أُزهقت، معتبرًا أن السلطة الحكومية لم تقم بالواجب تجاه هذه الفاجعة، واعتبر أن مسؤولية الحكومة ثابتة في الموضوع. في حين عدّ حزب "الاستقلال" أن المسؤولية المترتبة عن ما حدث في هذه الفيضانات تصل إلى حد المسؤولية الجنائية وليست السياسية فقط.
وأجمع أغلب البرلمانيين، الذين جعلوا من جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية في مجلس النواب المغربي، موضوع الفيضانات الأخيرة موضوعًا محوريًا ومركزيًا، على أن التساقطات المطرية أظهرت هشاشة كبيرة في البنيات التحتية، لاسيما في المناطق الجنوبية، بحيث اعتبر بعض البرلمانيين أن هذه المناطق عانت كثيرًا من اختلالات كبيرة في العدالة المجالية جراء تعاقب "سياسات الإقصاء والتهميش لعقود من الزمن".
وأجمعوا على أن هذا الحدث كشف ضعف تدخل المصالح المعنية النابعة للسلطة الحكومية من وقاية مدنية وغيرها، لإنقاذ الغرقى في الوقت المناسب، مما يسائل سياسة الحكومة لتطوير آليات تدخلها في أحداث الكوارث، وشددوا على أن التساقطات المطرية التي عرفتها المناطق الجنوبية غير مسبوقة بكل المقاييس.
وردّ وزير الداخلية محمد حصاد، على البرلمانيين، معتبرًا أن "الفاجعة" لا يجب أن تكون موضوع مزايدة سياسية بين الأحزاب، لأنها تسببت في فقدان 36 من المواطنين، بسبب تساقطات مطرية غير متوقعة وغير مسبوقة في المغرب.
ونبّه حصاد إلى أن التساقطات لم تكن مفاجئة، لأن مديرية "الأرصاد الجوية" أصدرت عدة نشرات إنذارية تحذر المغاربة من خطورة التساقطات التي سيعرفها المغرب.
وأضاف حصاد، أن الحكومة لم تقصر في واجبها، مشيرًا إلى أنها قامت بـ 300 تدخل وتم على إثرها إنقاذ 432 مواطنًا من غرق حقيقي، منهم 94 مواطنًا تم إنقاذه بالمروحيات، لافتًا إلى وجود عدة منازل آيلة للسقوط بسبب الأمطار، وعدد هذه المنازل يصل إلى 150 منزلًا تقليديًا. ولم يكشف حصاد حصيلة الخسائر التي تسببت فيها الفيضانات في المناطق الزراعية والفلاحية، وكذلك الطرق والقناطر، مشيرًا إلى أن السلطات الحكومية المعنية في كل قطاع لا تزال تحصي الخسائر لحد الآن، لكنه أعلن أن الخسائر فادحة وكبيرة جدًا.


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر