الطوبية من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب
آخر تحديث GMT 07:44:12
المغرب اليوم -

لاستقرار العرسان وميزتها الدفء شتاء والبرودة صيفًا

"الطوبية" من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب

المغرب اليوم -

المغرب اليوم -

بناء البيوت في شرق المغرب
الرباط - يوسف حمادي

لما كان العارف بأسرار البدو والحضر، العلامة عبد الرحمن ابن خلدون، يعدد في مقدمته فصائل تاريخ العمران، وطبائع الأقوام والسكان، وأسرار البحار والوديان، ويحكي عن عادات وتقاليد أهل بلاد العجم والعربان، كان الإنسان العربي يعانق الأرض مزارعًا ناجحًا، وتاجرًا فالحًا، في مصر والعراق وسورية، وكل البلاد العربية.

وكانت السودان هبة النيل، وسلة زاد العرب، كما يصفها المؤرخون الاقتصاديون، يوم كانت حول العالم تنمو حضارات إنسانية على أسس معمارية شعارها تشييد البيوت للناس ملاذًا يقيهم شدة برد الشتاء وحرارة الصيف، وصل إلى المغرب مجموعات من الحرفيين المبدعين، والعمال الحاذقين، لهم خبرة في بناء الدور وتشييدها، " المغرب اليوم " حققت في البناء بـ" الطوبية لإفادة قرائها .

لقد كان للسودانيين في عهد السلطان مولاي إسماعيل، أحد سلاطين العلويين في المغرب، خبرة يصنعون بها ما يعرف بـ "الطوبية " أو "التابية "، أو "الطابية "، وكلها أسماء للبنة واحدة تصنع من التراب المعجون بطريقة عجننا للخبز، ولقلة الأدوات كانوا يستعينون بأرجلهم وأيديهم لعجنها، فبعد غربلة التراب جيدا بغرابيل يدوية يرُجها عاملان بينهما، بها ثقوب تفصل التراب عن الحصى، ثم بعد جمع الكافي من التراب لإعداد "العجنة"، التي هي عبارة عن عجين ترابي، يقوم المعلم؛ كبير البنائون، بسقيه كومة التراب بالماء بمقدار، بينما العاملين أمامه يقلبان العجين أرضًا حتى يتماسك ويشد بعضه بعضًا.

وفي تصريح لـ " المغرب اليوم "، يؤكد " الحاج مسعود "، وهو من البنائين المهرة القدامى ذوي الأصول السودانية،  أن عجين التراب وحده لا يكفي لإعداد "التابية "، بل يضاف إليه التبن، خصوصًا وأن عملية البناء كانت تتم في فصل الصيف، مباشرة بعد الحصاد وجمع المحصول الزراعي، فغالبًا ما كان يتم ذلك البناء استعداد لتزويج عائلة لابنها، حيث أنهم من حقل الحصاد يُجمع التراب والتبن الكافيين لصانعة لبنات التابية، وبعد عجن العجين المخلوط بالتبن، وقولبته على شكل لبنات متفاوتة الطول والعرض في قوالب خشبية، أصغرها بمقاس 20 سم على 15، وأكبرها قد يصل إلى الثمانين سنتيمترًا.

وإعمال التبن المخلوط بعجين التراب يفيد لبنة الطوبية، ويمنع تسرب الماء إلى عمقها فيسهل تفتيتها، فالتبن واق يحفظ التابية مدة طويلة من الزمن، مثلما حُفظت الحصون والقلاع و"الحوش " والدور في المناطق المغربية بـ "أرفود " والريصاني " و"محماميد الغزلان"، وأوضح مسعود، الذي كان طفلًا صغيرًا بين المٌعلمين البنائين، وضمنهم جده ووالده، يشاهد البنائيين يعجنون ويرفسون التراب بأرجلهم، ثم يخلطونه بقليل من التبن لإنضاجه فتتماسك تربته، بل منهم من كان يصب طينه المخلوط بالتبن مباشرة وسط قوابل خشبية طويلة مشدودة إلى أساسات الجدران، ثم يقوم البناء بتركيزه وسط تلك القوالب الطويلة بآلة يدوية تسمى " المركز " الذي يُدق به الطين وسط الأساسات حتى يغدو صلبًا مُركزًا متماسكًا يصعب كسره، "وكم من البيوت و"الحُوش" والقصبات بنيناها بالتابية قبل تعرفنا على الإسمنت". 

وما صرح به الحاج مسعود، الذي بنى هو وأولاده وأحفاده العديد من الدور في الجنوب المغربي، يؤكده الدكتور حسن تاوشيخت، الخبير في شؤون المعمار التاريخي، موضحًا أن المواد التي استخدمت في تشييد القصور والقصبات الفيلالية، نسبة إلى منطقة " تافيلالت " في إقليم الراشيدية، جنوب شرق المملكة المغربية، سواء منها المندرسة أو الباقية، شبيهة بتلك التي استعملت في بناء مدينة "سجلماسة "، التي اعتمدت أساسًا على " الطابية " والحجارة والآجر والجبس والخشب ..، أما "التابية " فتتكون من تربة صلصالية متماسكة ذات لون أحمر- بني، تستخدم في بنائها على تراب طيني، يعتمد في تركيبها على اللوح والمركاز، وعلى ميزان الخيط لضبط استقامة الجدار، مضيفًا أن التابية استعملت في بناء الجدران الخارجية والداخلية، واعتمدت في تشييد " أقدم القصور في تافيلالت، بينما زينت أبراجها وحصونها بزخرفة خاصة من الطوبية المشمسة ذات تنسيق دقيق ووحدة كبيرة " .

وبينما "العرب اليوم" في طريقها إلى مهرجان موسيقى الصحراء في إقليم الراشدية، ذات يوم، بدعوة من الدكتور مصطفى تيليوا، الأستاذ الباحث في التاريخ والأنتروبولوجيا الثقافية، جلسنا في مطعم لتناول وجبة الغذاء المعروفة في منطقة "أرفود "، التي تعد بلحم الغنم والملوخية، ولها طعم سحري من أسرار الطبخ المُتبل المشهي، المعروف به المطبخ المغربي الصحراوي، وكان الفصل صيفًا حارًا منعنا عن مغادرة مبنى المطعم لبرودته، حتى ظننا من فرط برودة المكان، أن المطعم به مكيفات هوائية شديدة ارتفاع درجات التبريد، لكن المفاجأة كانت عندما سألت النادل عن سر برودة المكان، فأسر لي أنها برودة كامن سرها في بناء المطعم بطريقة "التابية "، التي تبنى بها جل الدور والقلاع بالمنطقة الصحراوية هناك بتافيلالت المغربية، ذات الغرف الباردة صيفًا، والدافئة شتاء.

almaghribtoday
almaghribtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطوبية من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب الطوبية من أشهر طرق تشييد البيوت في شرق المغرب



لمسة الحرير تعزز فخامة إطلالة الملكة رانيا باللون الأزرق الفيروزي

عمّان - المغرب اليوم

GMT 07:41 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025
المغرب اليوم - إطلالات النجمات تخطف الأضواء في حفل Fashion Trust Arabia 2025

GMT 22:24 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا تسعى لبيع تلغراف إلى ملاك ديلي ميل دون تأخير
المغرب اليوم - بريطانيا تسعى لبيع تلغراف إلى ملاك ديلي ميل دون تأخير

GMT 22:09 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤول أميركي يؤكد ضغوط واشنطن على كييف لقبول اتفاق السلام
المغرب اليوم - مسؤول أميركي يؤكد ضغوط واشنطن على كييف لقبول اتفاق السلام

GMT 07:44 2025 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد فراج يكشف أصعب المشاهد في مسلسل ورد وشوكولاتة
المغرب اليوم - محمد فراج يكشف أصعب المشاهد في مسلسل ورد وشوكولاتة

GMT 22:20 2025 الإثنين ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقالة غرين من الكونغرس تثير بوادر تمرد داخل الحزب الجمهوري
المغرب اليوم - استقالة غرين من الكونغرس تثير بوادر تمرد داخل الحزب الجمهوري

GMT 12:20 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جامعة بريطانية تدرس الأحياء الفضائية

GMT 20:48 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أمل الفتح الرياضي يفوز على اليوسفية الرباطية بثلاثية

GMT 21:21 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

إخلاء شوارع أكادير بسبب عاصفة رملية اجتاحت المدينة

GMT 07:00 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

سحب رخصة الإعلامية في قناة "فوكس" جانين بيرو

GMT 13:58 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

استدعاء الأمن في اتحاد الكرة لتوقيف رئيس نادي الزمالك

GMT 02:00 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

الموت يُفجع عادل الميلودي ويخطف أعز أقاربه

GMT 04:46 2017 الجمعة ,29 كانون الأول / ديسمبر

فيدرير يخوض منافسات كأس هوبمان للفرق المختلطة

GMT 17:09 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

باحثون ألمان يستخلصون مادة من الفطر للقضاء على السل

GMT 21:35 2016 الإثنين ,26 أيلول / سبتمبر

المقاول موح ينتصر على جامعة الكاراتيه المغربية

GMT 09:29 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

الصحافة الاقتصادية تعاني

GMT 10:13 2015 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

سارا لورين ترى أن ملكة جمال الفلبين لم تكن الأحق بالتاج
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib