تواصلت الغارات الإسرائيلية العنيفة على مدينة غزة في الساعات الماضية، مستهدفة مناطق واسعة منها جباليا والنزلة وحي الصبرة وحي الزيتون، وسط تصعيد عسكري غير مسبوق وتحضيرات إسرائيلية لاقتحام ما تبقى من المدينة، في وقت أعلنت فيه الأمم المتحدة رسمياً وقوع المجاعة في محافظة غزة، وسط دعوات دولية عاجلة للتدخل.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، إن أربع ألوية عسكرية إسرائيلية تُجري مناورات قرب حدود غزة تمهيداً لعملية اقتحام واسعة، فيما باشرت فرق محلية ودولية أعمال ترميم وإعادة تشغيل المستشفى الأوروبي في خان يونس ليكون بديلاً لمستشفيات مدينة غزة التي يُتوقع إخلاؤها قريباً، ومن بينها مستشفى الشفاء والمعمداني. وأكدت الإذاعة أن هذه التحضيرات تأتي في إطار خطة إنسانية لإخلاء المدنيين جنوباً مع بدء العملية العسكرية.
وتزامناً مع ذلك، تقوم القوات الإسرائيلية بتهيئة طريق الوصول إلى المستشفى الإماراتي في رفح، كما تُخطط لإنشاء مستشفيات ميدانية إضافية في المناطق التي سيُنقل إليها سكان غزة.
وبحسب القناة 12 الإسرائيلية، فإن العملية العسكرية الشاملة قد تبدأ منتصف سبتمبر/أيلول المقبل، وتهدف إلى تهجير نحو مليون نسمة من سكان غزة، والسيطرة الكاملة على المدينة، في ظل أوامر باستدعاء 60 ألف جندي احتياط لهذا الغرض.
في المقابل، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة القتلى جراء الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023 ارتفعت إلى 62,622 قتيلاً، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، فيما تجاوز عدد الجرحى 157 ألفاً، مع استمرار وجود ضحايا تحت الأنقاض يصعب الوصول إليهم بسبب خطورة الأوضاع ونقص المعدات.
وسجّلت مستشفيات القطاع خلال الساعات الـ24 الماضية 61 قتيلاً و308 جرحى، بينهم 16 قتيلاً و111 مصاباً سقطوا في محيط مراكز توزيع المساعدات، لترتفع حصيلة ضحايا ما يُعرف بـ"قتلى المساعدات" إلى 2,076 قتيلاً و15,308 جريحاً.
كما أُعلنت وفاة 8 أشخاص بسبب المجاعة وسوء التغذية خلال نفس الفترة، لترتفع حصيلة وفيات المجاعة إلى 281، من ضمنهم 114 طفلاً، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية المتصاعدة.
وقد أعلنت الأمم المتحدة رسمياً حالة المجاعة في غزة، مؤكدة أن نحو 500 ألف شخص يعانون من جوع "كارثي"، بحسب تقرير صادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي. واعتبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، أن ما يحدث هو "مجاعة على بعد أمتار من الطعام"، محمّلاً إسرائيل مسؤولية "العرقلة الممنهجة" لإدخال المساعدات.
من جهتها، قالت وكالة "الأونروا" إن إنهاء المجاعة ممكن فوراً إذا سُمح بإدخال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، مشيرة إلى أن مستودعاتها في الأردن ومصر تحتوي على ما يكفي من الغذاء والدواء لتعبئة 6,000 شاحنة، لكنها لم تُسمح بالدخول حتى الآن.
في المقابل، رفضت الحكومة الإسرائيلية التقرير الأممي، واعتبره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "كذباً صريحاً"، مؤكداً أن إسرائيل لا تتبع سياسة تجويع، وأن المساعدات كانت تدخل إلى القطاع طيلة فترة الحرب. وهاجمت وزارة الخارجية الإسرائيلية التقرير، وقالت إنه "يستند إلى أكاذيب حماس"، مؤكدة أن "القطاع غمرته المساعدات الغذائية في الأسابيع الأخيرة".
غير أن حركة حماس رأت في إعلان المجاعة "إدانة دولية للاحتلال"، و"دليلاً على استخدام سياسة التجويع كسلاح إبادة جماعية"، في حين عبّر مسؤولون دوليون عن إدانتهم الشديدة، حيث وصف وزير الخارجية البريطاني الوضع بـ"الفضيحة الأخلاقية"، وقالت الخارجية السعودية إن "تفاقم الكارثة سيظل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي".
وأعلن وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب استقالته، احتجاجاً على فشل بلاده في فرض عقوبات على إسرائيل.
وأمام هذا المشهد، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي بتدمير مدينة غزة بالكامل، قائلاً: "قريباً ستُفتح أبواب الجحيم"، فيما أعلن رئيس الأركان إيال زامير أن الجيش "يعمل على توسيع العمليات العسكرية في الأيام المقبلة".
كما كشف نتنياهو عن بدء مفاوضات بالتوازي مع العملية العسكرية، سعياً للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، إلا أن إسرائيل تصرّ على إطلاق جميع الرهائن دفعة واحدة، بينما وافقت حماس على مقترح هدنة لمدة 60 يوماً تشمل الإفراج المرحلي عن الرهائن والجثامين.
في ظل هذا التصعيد العسكري والإنساني، تتزايد التحذيرات من كارثة غير مسبوقة في غزة، مع استمرار الحرب ومجاعة تهدد حياة مئات الآلاف، بينما تواصل إسرائيل استعداداتها للسيطرة الكاملة على المدينة.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
الجيش الإسرائيلي يشن غارات جوية على مواقع تابعة لحزب الله في جنوب لبنان تستهدف بنية تحتية
نزوح جماعي من مدينة غزة مع بدء المراحل الأولى من الهجوم البري الإسرائيلي وتصاعد التحذيرات الدولية
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر