السويداء ـ المغرب اليوم
تشهد محافظة السويداء جنوب سوريا وقفاً هشاً لإطلاق النار، بعد أيام من المواجهات الدامية بين مجموعات مسلحة من أبناء الطائفة الدرزية ومقاتلين من العشائر البدوية، أسفرت عن مقتل وإصابة المئات، ونزوح عشرات الآلاف من المدنيين، وسط حالة من الترقب والحذر تسود الأوساط المحلية والسياسية. وعلى الرغم من إعلان الرئاسة السورية عن وقف شامل وفوري لإطلاق النار، أفادت مصادر محلية باستمرار اشتباكات متقطعة في بعض أحياء المدينة ومحيطها، وسط تحركات أمنية ودعوات للتهدئة من مختلف الأطراف.
الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، أكد التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في بيان صادر عن الرئاسة الروحية، مشيراً إلى أن الاتفاق يشمل نشر قوات من الأمن العام على أطراف السويداء وخارج حدودها، بهدف احتواء التوتر ومنع مزيد من التصعيد. ودعا الهجري جميع المجموعات المسلحة داخل المدينة إلى ضبط النفس وتجنب أي استفزازات قد تؤدي إلى انهيار الهدنة، مؤكداً أن الطائفة لم تكن يوماً طرفاً في نزاعات داخلية أو مشاريع تفرقة، بل كانت دوماً حاملة لقيم التعايش والدفاع عن وحدة الوطن.
من جهتها، أعلنت عشائر الجنوب السوري التزامها الكامل بوقف كافة العمليات العسكرية، مطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين من أبنائها، وتسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم دون شروط. كما شددت في بيانها على ضرورة فتح قنوات التواصل المباشر مع مختلف الأطراف داخل المحافظة لتفادي تكرار أحداث العنف، داعية إلى معالجة مسببات التوتر بشكل جذري، بما يضمن الاستقرار ويوقف نزيف الدم المستمر.
يأتي هذا التفاهم الهش بعد تدخلات إقليمية ودولية، حيث أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس بارّاك، أن اتفاق وقف إطلاق النار تم التوصل إليه برعاية أردنية وتركية، وبموافقة كل من الحكومة السورية وإسرائيل، في أعقاب تصعيد ميداني خطير شمل قصفاً إسرائيلياً استهدف مواقع عسكرية جنوب البلاد، وآخر طال العاصمة دمشق. وكان الجيش الإسرائيلي قد أبدى اعتراضه على تحركات الجيش السوري باتجاه السويداء، مطالباً بانسحاب كامل من الجنوب، بحجة "حماية دروز سوريا" كما صرح مسؤولون إسرائيليون.
في هذا السياق، أعلنت وزارة الداخلية السورية بدء انتشار قوات الأمن الداخلي في مدينة السويداء ومحيطها، بهدف "حماية المدنيين ووقف الفوضى"، فيما حذرت الرئاسة السورية من أن أي خرق لوقف إطلاق النار سيُعد انتهاكاً مباشراً للسيادة الوطنية، وسيواجه برد حازم من الدولة.
يُذكر أن التوتر في السويداء اندلع في الثالث عشر من يوليو/تموز الجاري، إثر اشتباكات عنيفة بين فصائل درزية ومجموعات من عشائر البدو، على خلفية اتهامات متبادلة بالخطف والاعتداء، قبل أن تتدخل قوات أمنية سورية لمحاولة احتواء الموقف. وقد أدى التصعيد إلى نزوح أكثر من 80 ألف شخص، بحسب ما أفادت به المنظمة الدولية للهجرة، فيما قُتل ما لا يقل عن 718 شخصاً خلال الأيام الماضية، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
رغم الهدوء النسبي الذي ساد المدينة في الساعات الأخيرة، فإن الأوضاع تبقى شديدة الهشاشة، ويخشى مراقبون من تجدد القتال إذا لم تُنفذ بنود الاتفاق بشكل فعلي، خصوصاً في ظل حالة الانقسام الداخلي وفقدان الثقة بين المكونات المجتمعية في الجنوب السوري. ويأمل السكان أن تثمر جهود الزعامات الدينية والعشائرية، المدعومة بوساطات دولية، في تثبيت الاستقرار ومنع انزلاق المنطقة مجدداً إلى دوامة العنف.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر