رفضت الحكومة السودانية المدعومة من الجيش، مقترح هدنة قدمته يوم الجمعة الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، مؤكدة أنها لن تقبل "استبعادها" من عملية الانتقال السياسي المستقبلية في السودان. ودعت الدول الأربع في بيان مشترك، الجمعة، إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر في السودان، يليها وقف دائم لإطلاق النار وفترة انتقالية تمتد تسعة أشهر تفضي إلى تشكيل حكومة مدنية.
وأكّدت الدول أن هذه العملية الانتقالية يجب أن تكون "شاملة وشفافة"، وأن تنتهي ضمن الإطار الزمني المحدد بغية "تلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مستقلة بقيادة مدنية تتمتع بقدر كبير من المشروعية والقدرة على المساءلة".
وجاء في إعلان الدول الأربع أن "مستقبل الحكم في السودان يقرره الشعب السوداني، ويجب ألا يسيطر عليه أي من الأطراف المتحاربة" وهو ما رفضته الحكومة السودانية.
وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية السودانية، رحبت الحكومة "بأي جهد إقليمي أو دولي يساعدها في إنهاء الحرب"، لكنها أضافت أن أي عملية سياسية يجب أن "تحترم سيادة الدولة السودانية ومؤسساتها الشرعية" الخاضعة حالياً لسيطرة الجيش.
وأضافت أن "شعب السودان هو الوحيد الذي يحدد كيف يُحكم من خلال التوافق الوطني" تحت قيادة الحكومة الانتقالية.
وكان الجيش السوداني قد أسس في مايو/أيار حكومة مدنية جديدة.
وقال محمد أحمد موسى، وهو مواطن سوداني مقيم في مدينة الفاشر لبي بي سي عبر برنامج للسودان سلام "بيان الرباعية جاء في توقيت غير مفيد نظراً لما نراه من التقدم بالنسبة للأقليات"
وأضاف "طوال هذه الفترة كنا نناشد وننادي أن الفاشر تستغيث وتحتاج لدعم وتدخل دولي المجتمع"
وقال "المجتمع الدولي عجز حتى عن أن يوفر للناس حقنة في الفاشر. لماذا يتحدثون الآن عن هدنة إنسانية. يوجد قرار أممي كبير وقرار لمجلس الأمن الدولي برفع الحصار عن مدينة الفاشر. لم نجد أي أثر بالنسبة لهذا القرار، الذي راح في أدراج الرياح".
وقال رياض تاج الدين، من الفاشر أيضا، "نحن نرفض رفضاً قاطعاً البيان الصادر من الرباعية".
وأضاف "نحن كمواطنين الآن محاصرون منذ نحو عامين. والمجتمع الدولي مغيب ودول الرباعية كلها غائبة ولكن نحن كمواطنين نعتبر أن الرباعية لما يحدث".
وقال مواطن من الخرطوم عبر برنامج للسودان سلام: "وقف إطلاق النار المؤقت من وجهة نظري لا ينفع ولا يكفي". وأضاف "ما لم يكن فيه سلام دائم سلام كامل لا يجدي وقف إطلاق النار المؤقت في شيء".
وأضاف "في أم درمان منذ عدة أيام أعتقد البعض أن الحرب انتهت، وفجأة جاءت مسيّرة واحدة، ومنذ ذلك الحين مرت ثلاثة أيام بدون كهرباء. يقولون الحرب وقفت، ثم تأتي مسيّرة واحدة نرجعنا للوراء ثلاثة أو أربعة شهور".
وقال مواطن آخر من الخرطوم: "وقف اطلاق النار اللي أطلقته الرباعية نتائجه تكون عكسية. البلد سيزداد خراباً".
وقال مواطن ثالث من الخرطوم: "هذا قرار سياسي تماماً وغير مجدً بالمرة"
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، في 15 أبريل/نيسان 2023، على خلفية الصراع على السلطة، وتحوّلت البلاد إلى مناطق نفوذ متقاسمة بين الطرفين.
وأدت الحرب في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف، وتسببت بأزمة إنسانية تُعد من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
كما أدت إلى تهجير أكثر من 13 مليون شخص بين نازح ولاجئ فيما غرقت أنحاء عدّة من البلاد في المجاعة.
ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على كلا الجانبين، كما تواجه البلاد أزمة إنسانية وغذائية حادة، وأسوأ تفش للكوليرا منذ سنوات.
ومع استمرار الحرب في عامها الثالث، يسيطر الجيش على شرق وشمال ووسط السودان، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على جزء من الجنوب وعلى معظم مناطق دارفور غرباً.
وأعلنت قوات الدعم السريع مؤخراً عن تشكيل حكومة موازية، ما أثار مخاوف من تفتيت البلاد.
وأكد الجانبان مراراً استعدادهما لمواصلة القتال حتى تحقيق "النصر العسكري الشامل".
ويبدو أن الإعلان الرباعي قد صدر بدلاً من اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع، كان مقرراً في الأصل في يوليو/تموز الماضي، ولكنه تأجل بسبب خلافات بين مصر والإمارات بحسب تقارير صحفية.
إذ نقلت وكالة فرانس برس عن مصادر دبلوماسية، أن القاهرة عارضت في البداية صياغة أولية تستبعد الجيش وقوات الدعم السريع من المرحلة الانتقالية.
ولطالما دعت مصر، التي أعلنت دعمها للجيش السوداني، إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة، في حين اتُّهمت الإمارات بدعم قوات الدعم السريع وتسليحها، وهو ما تنفيه أبوظبي.
ولم يذكر النص النهائي للإعلان مباشرة الأطراف المعنية، وشدّد على وجوب أن يقرر الشعب السوداني مستقبل الحكم في البلاد، بعيداً عن أي وصاية مسلّحة.
في سياق متصل، فرضت الولايات المتحدة، يوم الجمعة، عقوبات على وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، المقرّب من الجيش، ورئيس حركة العدل والمساواة السودانية، وكذلك على كتيبة البراء بن مالك، وهي جماعة مسلحة تحارب إلى جانب الجيش.
وجاء في بيان لوزارة الخزانة الأمريكية بأن هذه العقوبات تهدف للحد من "النفوذ الإسلامي في السودان وتقييد الأنشطة الإقليمية لإيران التي ساهمت في زعزعة استقرار المنطقة، وفي النزاعات وفي معاناة المدنيين".
واعتبرت حركة العدل والمساواة في بيان أن "العقوبات الأحادية ليست ذات قيمة، وتمثل إجراء جائراً يفتقر إلى الأساس القانوني والمبررات الموضوعية".
وهيمن الإسلاميون على السياسة السودانية على مدى ثلاثة عقود في عهد الرئيس المعزول، عمر البشير، وتزايد نفوذهم خلال الحرب الجارية بتحالفهم مع الجيش.
وعلى صعيد متصل، مدّد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الجمعة، لعام إضافي، الحظر المفروض على إدخال الأسلحة إلى إقليم دارفور السوداني، وهو حظر غالباً ما يتم التنديد بانتهاكه.
وفي قرار تم تبنيه بالإجماع، مدّد المجلس حتى 12 سبتمبر/أيلول 2026 العقوبات المفروضة منذ عام 2005، التي تستهدف حصراً إقليم دارفور، وهي عقوبات فردية تطال خمسة أشخاص، إضافة إلى حظر الأسلحة.
وقال ممثل الولايات المتحدة، جون كيلي، إن "الوضع في دارفور ما زال خطيراً، مع تفشي العنف على نطاق واسع، ووجود تحديات إنسانية كبرى، ونزوح جماعي".
وأشار إلى أن قرار التمديد "يبعث برسالة واضحة مفادها أن المجتمع الدولي مصمّم على الحد من تدفّق الأسلحة وحريص على محاسبة مرتكبي أعمال العنف، والأعمال التي تؤدي إلى انعدام الاستقرار في دارفور".
وأفادت مصادر دبلوماسية، وفق وكالة فرانس برس، بأن دولاً اقترحت توسيع النطاق الجغرافي للحظر المفروض على الأسلحة بما يشمل منطقة كردفان، لكن روسيا، المتمتعة بحق النقض (الفيتو) في المجلس، عارضت بشدّة هذا الاقتراح.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك
تعليقك كزائر