غزة - كمال اليازجي
تشهد مدينة غزة تصعيداً عسكرياً جديداً حيث تواصل القوات الإسرائيلية تنفيذ غارات مكثفة على مختلف أنحاء القطاع، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة نزوح واسعة في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية. في الوقت نفسه، تتزايد المحادثات الدولية بشأن إيجاد حل سياسي ينهي الصراع المستمر منذ سنوات، وسط تقارير عن دراسة إسرائيلية لتوفير ممر آمن لخروج قادة حركة حماس من غزة ضمن اتفاق محتمل لوقف الحرب.
أفاد التلفزيون الفلسطيني، اليوم الاثنين، بسقوط قتلى وجرحى جراء قصف جوي إسرائيلي استهدف محيط برج السعدي في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، مما أدى إلى مزيد من الخسائر البشرية في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأوضحت مصادر طبية فلسطينية أن حصيلة القتلى في القطاع منذ فجر الأحد وحتى منتصف الليل وصلت إلى 50 شخصاً، بينما ارتفع العدد الإجمالي للضحايا منذ بدء الهجوم الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023 إلى أكثر من 66 ألف قتيل، مع إصابة نحو 168 ألف آخرين.
وقد رفضت إسرائيل حتى الآن 73 طلباً تقدمت بها منظمات دولية لإنقاذ المصابين الفلسطينيين في مدينة غزة، حسبما أعلن الدفاع المدني الفلسطيني، في حين لا تزال المعاناة الإنسانية تتفاقم وسط نقص في الخدمات الأساسية وعمليات نزوح هائلة حيث فر ما بين 350 ألفاً إلى 400 ألف فلسطيني من منازلهم منذ الشهر الماضي.
وعلى صعيد التوترات السياسية والدبلوماسية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية أن حكومته تدرس إمكانية توفير ممر آمن يسمح لقادة حركة حماس بمغادرة قطاع غزة إلى الخارج، وذلك ضمن شروط محددة أبرزها إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة. وأكد نتنياهو أن هذه الفكرة مطروحة للنقاش، لكن التفاصيل ما تزال قيد التفاوض في إطار الخطة الأميركية للسلام التي أعدها الرئيس دونالد ترامب.
تتضمن خطة ترامب التي أعلن عنها الأسبوع الماضي في الأمم المتحدة 21 بنداً تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، انسحاب إسرائيلي تدريجي من غزة، ونزع سلاح حماس بشكل كامل، مع استبعاد الحركة من إدارة القطاع. وتقترح الخطة أيضاً تشكيل حكومة انتقالية فلسطينية مستقلة بقيادة تكنوقراط محليين، بالإضافة إلى مجلس دولي وعربي يشمل ممثلي السلطة الفلسطينية ودول عربية وإسلامية، وتوفير قوة أمنية مشتركة لضمان الاستقرار في غزة.
وأكد ترامب في تصريحات مؤخراً أن المحادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي تتقدم بشكل جيد وأن هناك إمكانية حقيقية لإنجاز اتفاق سلام، معرباً عن تفاؤله حيال التوصل إلى حل يضمن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وإعادة الهدوء إلى المنطقة. لكنه أشار أيضاً إلى وجود خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة حول بعض البنود، خاصة المتعلقة بمصير حماس وطريقة تفكيكها، ما قد يؤخر إتمام الصفقة النهائية.
تأتي هذه التطورات وسط استمرار القصف الإسرائيلي المكثف على غزة، والذي يهدف حسب الجيش الإسرائيلي إلى ضرب البنية التحتية العسكرية لحماس ومقاتليها، حيث أعلنت القوات الإسرائيلية استهداف 140 موقعاً عسكرياً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. من جهة أخرى، لا تزال الأوضاع الإنسانية في غزة مأساوية، مع نقص في الغذاء والدواء والخدمات الطبية، فيما يواصل مئات الآلاف من المدنيين النزوح داخل القطاع وخارجه، في واحدة من أكبر الأزمات السكانية في المنطقة.
تظل المعركة بين الأطراف معقدة، حيث يسعى الجميع إلى التوصل إلى حل ينهي الصراع ويضمن استقرار المنطقة، لكن الطريق لا يزال طويلاً وسط تحديات كبيرة، تشمل الحفاظ على حقوق المدنيين، إيجاد تسوية سياسية قابلة للتطبيق، والتعامل مع تداعيات الأزمة على المستوى الإقليمي والدولي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


أرسل تعليقك
تعليقك كزائر